صنع في الصين 2025! حينما تفكر الصين بالهيمنة…

صنع في الصين:

أشار الرئيس الصيني منذ أعوام إلى نية الصين في إنفاق مبالغ طائلة على خططها الكبيرة، وكان آخر ما تمت الإشارة إليه مبلغ 1.6 تريليون دولار.

بحيث سيتم إنفاقها على  قطاعات التكنولوجيا الفائقة الذكاء وتطوير قاعدتها التصنيعية المتقدمة.

وقد قامت الصين بإطلاق مشروع بالغ في الأهمية، وهو مشروع “صنع في الصين 2025″؛ حيث يعبر عن سياسة صناعية حكومية وقومية، تهدف الصين من خلالها إلى أن تصبح المهيمنة في صناعة التكنولوجيا الفائقة العالمية والاقتصاد العالمي برمته.

ومن أجل إنجاز هذا المشروع كما يجب تم استخدام الإعانات الحكومية، وتعبئة الشركات المملوكة للدولة، والسعي إلى اكتساب الملكية الفكرية لمواكبة – ومن ثم تجاوز – البراعة التكنولوجية الغربية في الصناعات المتقدمة. 

صنع في الصين 2025: جانب صغير من أحد مرافق مصنع صيني للتكنولوجيا

وقد كتب الكاتبان جيمس ماكبرايد، والكاتب الاقتصادي أندرو تشانزكي على موقع Council foreign relation مقالا مهما جدا قبل عام من الآن عن مشروع ” صنع في الصين 2025 “.

وقد أشارا من خلال هذا المقال، إلى مدى أهمية هذا المشروع للخطط الصينية الطويلة الأمد.

والتي وجدت فيها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تهديدا كبيرا للتجارة الدولية.

بل وخطراً أمنيا كبيرا على الاقتصاد العالمي، مما دفع واشنطن ومعها بعض الدول إلى مقاطعة الصين، والتلويح بالتعريفات كعقاب مستمر.

ما هو مشروع “صنع في الصين 2025″؟

تم إصدار مشروع ” صنع في الصين 2025 ” أو Made in China 2025 في عام 2015 .

وهي الخطة العشرية للحكومة لتحديث قاعدة التصنيع في الصين من خلال التطوير السريع لعشر صناعات عالية التقنية.

جاء على رأس هذه الصناعات: السيارات الكهربائية ومركبات الطاقة الجديدة الأخرى، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والروبوتات المتطورة بشكل هائل، والذكاء الاصطناعي، إلى جانب التكنولوجيا الزراعية، وهندسة الطيران، ومواد اصطناعية جديدة، والمعدات الكهربائية المتقدمة، الطب الحيوي الناشئ، والبنية التحتية للسكك الحديدية الحديثة كليا، وصولا إلى الهندسة البحرية ذات التقنية العالية.

صنع في الصين 2025: حيث تحمل الصين التقاليد كرمز، ولكنها تسعى للحداثة كرؤية

وبالرجوع إلى هذه القطاعات فإنها تعتبر أساسا لما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة، القائمة على التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات.

وقد أشار مسؤولون صينيون إلى أنهم استلهموا هذه الخطة من خطة تطوير الصناعة لدى الحكومة الألمانية، والتي جعلت من شعار MADE IN GERMANY فخرا كبيرا للصناعة الألمانية والعالمية.

ويقول الرئيس الصيني والمسؤولون عن هذه الخطة:

أن هدفهم النهائي هو تقليل اعتماد الصين على التكنولوجيا الأجنبية وتشجيع الشركات المصنعة للتكنولوجيا العالية الصينية في السوق العالمية.

وعلى الرغم من أن الصين تمثل حوالي 60% من الطلب العالمي على أشباه الموصلات، إلا أنها تنتج فقط حوالي 13% من العرض العالمي.

وهو ما يزيد من رغبة الصين في متابعة سعيها الدؤوب لتحقيق نظرتها.

وعلى الرغم من أن لهذه الخطة هدفٌ محدد، إلّا أن الصين لديها أهدافا أخرى ضمنية.

حيث تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 70% من صناعات التكنولوجيا فائقة الذكاء.

إضافة إلى رؤيتها في أن تصبح المهمين على الاقتصاد العالمي في العام 2049، وهو العام الذي يحمل الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الصينية.

وعلى الرغم من المشكلتين الأساسيتين للصين، وهما:

أولا. التهديدات الأمريكية المتلاحقة.

ثانيا. مقاطعة العديد من الدول مثل بريطانيا واستراليا لبعض الصناعات الصينية من جانب، إلى جانب الأحداث الصحية الصعبة المتمثلة بفايروس كورونا من جانب آخر.

إلا أن الصين لم تقف عن سعيها في تحقيق أهدافها، فلم تلبث الصناعة الصينية حتى عادت بعد توقف ليس بسيط بالنسبة للفكر الصيني.

بل إن بعض المحللين أشاروا إلى عدم توقف عجلة الانتاج والتصنيع والاختراع الداخلي طيلة فترة كورونا.

بل إن الصين لم تهدأ طوال فترة كورونا؛ حيث قامت بتخزين كميات هائلة من النفط، وتحديدا من النفط الأمريكي، أثناء مشكلة النفط السعرية بعد توقف الانتاج العالمي.

كما ملأت خزاناتها من النفط بسعر أقل من الثلث مما كان عليه السعر قبل الكورونا.

وذلك لاستخدامه في حركة صناعية أوسع من ذي قبل.

فهل ستستمر الصين على قدر ذلك الحجم من النشاط؟

أم أن هناك أموراً أخرى سوف تكون بالمرصاد؟

تلك أسئلة لن يجيب عنها سوى المُراقب والمتابع للأحداث بشكل مستمر.

أنصحك بالاطلاع على مقالة بعنوان “عشر دروس سحرية كيف تعاملت الشركات الصينية مع كورونا؟”

وذلك لأهميتها الكبيرة في صنع تصور جيد عن ما ستكون عليه الصين في تنفيذ خططها ومشاريعها.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية