أسوأ نسخ كأس العالم لكرة القدم على الصعيد الاقتصادي

حينما نتحدث عن الساحرة المستديرة، فنحن نتحدث عن تسعين عامٍ من انطلاق بطولتها العالمية الكُبرى، وهي الاحتفالية التي يلتف حولها الملايين، بل تكفي الإشارة إلى أن نسبة متابعة بطولة كأس العالم قد وصلت إلى 3.572 مليار شخص حول العالم في العام 2018 أثناء إقامة هذه البطولة في روسيا، إلا أن إقامة هذه البطولة دائما ما يحتاج من الدولة المُنظمة الكثيرمن التجهيزات اللوجستية والتحضيرات المُسبقة، والتي تحتاج غالبا إلى مبالغ طائلة، ولكن هذه المبالغ الطائلة قد تكون فرصة للبلد المنظم من أجل تحسين البنية التحتية، وتحسين الاقتصاد القومي من خلال المشاريع التي سيتم إنشاؤها أو تحسين أحوالها، من خلال المداخيل المترتبة على إقامة هذه البطولة لمدة شهر، ثم ما سيترتب على المنشآت الرياضية الجديدة من إيرادات نتيجة استغلالٍ رياضيٍّ محلي ودولي ما بعد إقامة البطولة، وفيما يلي سأقوم بعرضٍ موجز عن أسوأ نسخ كأس العالم لكرة القدم على الصعيد الاقتصادي، والتي أثرت سلبا على اقتصاد بلدها: 

كأس البطولة الأكثر متابعة في العالم، وهي النسخة المعتمدة منذ العام 1974

كأس العالم  2014

أقيمت هذه النسخة في البرازيل، بتكلفة تخطت الرقم القياسي الذي تم تسجيله في العام 2010، حينما استضافتها جنوب أفريقيا، وقد تم إنفاق 13.5-14 مليار دولار أمريكي، في الوقت الذي تظاهر فيه المحتجّون على هذا الإنفاق، وطالبوا بإنفاق هذه المبالغ على المدارس والمستشفيات التي كانت تعاني جدا من حيث البنية التحتية، وقد قابل المحتجون كل الذين أشاروا إلى نتائجها الاقتصادية الجيدة بأن ما تمت إضافته للاقتصاد من إقامة هذه البطولة هو 11 مليار دولار، وهو رقم باهت بالنسبة لدولة يتجاوز ناتجها الإجمالي 2 تريليون دولار، كما أن المصيبة تكمن في تكلفة إقامة الملاعب، فيكفي أن تعرف أن ملعب ناسيونال دي برازيليا والذي كلف 800 مليون دولار أمريكي، أصبح يستخدم كموقف للسيارات ليس إلا.

ملعب ناسيونال دي برازيليا والذي تحول من ملعب إلى موقف سيارات

كأس العالم 2010

هي البطولة التي أقيمت في جنوب أفريقيا، وتم إنفاق 3-4 مليارات دولار أمريكي على إقامتها، وعلى الرغم من تغير الصورة النمطية للبلاد، إلا أن التكاليف الباهظة التي تم توجيهها إلى إنشاء وتطوير الملاعب بقيمة 1.1 مليار دولار أمريكي، ستكون أمرا كارثيا إذا ما عرفت بأن ملعب كيب تاون يتم تأجيره لحفلات الأعياد والزفاف، بعد أن تكبد الدولة تكلفة 536 مليون دولار لإقامته، وتصل خسائر الدولة من رعاية هذا الملعب ما قيمته 6-10 ملايين دولار سنويا، إلى جانب استاد موسى مابهيدا، والذي كلف الدولة تكاليف إنشاؤه 380 مليون دولار، ثم تحول بعد البطولة لساحة لرياضة القفز بالحبال، ومطعم لا يستقبل سوى بضع مئات ليس أكثر.

كاس العالم 2018:

وهي آخر نسخة من نسخ كأس العالم، أقيمت في روسيا وضربت الأرقام القياسية بشكل كبير، حيث بدأت التكلفة من 13.2 مليار دولار، لتصل إلى أكثر من 20 مليار دولار أمريكي، وتكفي الإشارة إلى أن تكلفة إقامة وتطوير الملاعب كلفت أعلى من تكلفة إقامة كاس العالم كاملة في جنوب إفريقيا، وتشير بعض التقارير إلى تكبد روسيا خسارة تصل إلى 6 مليار دولار، مقارنة بالعوائد الباهتة للدولة بعد إقامة هذا الحدث، خاصة مع وجود دوري روسي ضعيف، حيث أنه الأضعف من حيث الحضور في أوروبا بمعدل 14000 شخص للمباراة الواحدة، علما أن هذه البطولة هي الأعلى حتى الآن وقبل إقامة بطولة قطر التي ستصل تكلفتها حسب التقارير الأخيرة إلى 200 مليار دولار.

هي النسخة الأعلى تكلفة حتى الآن بواقع 20 مليار دولار أمريكي.

كأس العالم 1962

أقيمت النسخة السابعة لكأس العالم في تشيلي على الرغم من ضعف البنية التحتية، وذلك بعد استبعاد اتحاد كرة القدم لملف الارجنتين بسبب مقاطعة الارجنتين للبطولة، ولكن في العام 1960 ضرب البلاد زلزالٌ بقوة 9.6 درجات على مقياس ريختر مما أدى إلى ضرب البنية التحتية للدولة، وتضرر الكثير من المنشآت المجهزة لإقامة البطولة، ولا يوجد ما يشير إلى أرقام محددة حول تكلفة استضافة تشيلي لكأس العالم، أو الفوائد التي عادت عليها، إلا أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة بعد هذا العام، دفعت التشيليون إلى انتخاب ادواردو فراي رئيسا للبلاد للبدء في برنامج إصلاح زراعي.

نسخة كرة القدم التي استخدمت رسميا في البطولة

أنصحك بالاطلاع على مقالة بعنوان “مجلة فوربس أكثر من مجلة” لما لها من أهمية في تصنيف الأحداث والشخصيات العالمية على صعيد الأعمال والأموال.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية