دوتشيه بانك : تاريخ من الفضائح

دوتشيه بانك هو بنك استثماري ألماني متعدد الجنسيات، يقع مقره في فرانكفورت، ألمانيا، ومُدرج في بورصتي نيويورك وفرانكفورت.

وللبنك تمثيل في 58 دولة، مع تواجد مميز في القارات الأوروبية والآسيوية والأمريكيتين.

وقد احتل هذا البنك مراكز متقدمة كأكبر البنوك العالمية من حيث إجمالي الأصول، وتم اعتباره أكبر مؤسسة مصرفية عاملة في ألمانيا، ويعتبر البنك جزءا من مؤشر سوق الأسهم DAX.

ويضم البنك في أعماله ثلاثة أقسام رئيسية:

  • الأعمال المصرفية الخاصة.

  • الأعمال التجارية.

  • الأعمال الاستثمارية الخاصة بالشركات وإدارة الأصول.

اجتماع مؤسسي بنك دوتشيه بانك في العام 1870

بداية بنك دوتشيه بانك

تأسس البنك في برلين عام 1870 بهدف تمويل التجارة الخارجية الألمانية ودعم الصادرات، ثم سرعان ما لعب البنك دوراً كبيراً في تقدم الصناعة الألمانية.

ومنذ بداية الأعوام الأولى للبنك تم النظر إليه كورقة ضاغطة على العملاء الأجانب، والمؤسسات المصرفية الأجنبية التي كان التجار الألمان يعتمدون في تصريف أعمالهم عليها.

في العام الثاني لتأسيس البنك تم التفرع محليّا، وفي العام الذي تلاه خرج البنك خارج الحدود الألمانية آسيويا وأوروبيا.

واستمر البنك في التفرع والشراكات الناجحة وصفقات الشراء الجيدة للبنوك الأخرى، حتى اصطدم البنك بوصول زعيم ألماني جديد آنذاك.

دوتشيه بانك وهتلر:

أثر وصول هتلر إلى كرسي الحكم في ألمانيا على أعمال بنك دوتشيه بانك، فبمجرد وصول هتلر إلى الحكم قام دويتشه بنك بفصل أعضاء مجلس إدارته اليهود الثلاثة في عام 1933.

واستمر البنك في التخلص من أعماله التجارية المملوكة لليهود، والتي كان البنك مرتكزا عليها بشكل كبير.

بل قام أيضا بإدارة أعمال الحكومة الألمانية وإقراض الأموال لبناء المعسكرات النازية آنذاك.

إلا أنه وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانهزام الحزب النازي أمر الحلفاء عام 1948 بتقسيم هذا البنك إلى عشرة بنوك إقليمية.

ثم وبعد سنوات أربع تم دمج هذه البنوك العشرة إلى أربعة بنوك محلية أخرى بهدف تقوية المركز المالي.

ثم  تم دمج البنوك الثلاثة المحلية في بنك جديد تحت اسم دوتشيه بنك إيه جي وهو الاسم الحالي للبنك.

وبعد أعمال حافلة في المجالات الصناعية وتمويلها، قام البنك بالدخول إلى الخدمات المصرفية للأفراد عبر القروض الشخصية الصغيرة.

وفي السبعينيات عاد البنك إلى التوسع الدولي؛ حيث دخل إلى إيطاليا وروسيا وبريطانيا وفرنسا واليابان.

وسرعان ما عاد البنك إلى عادته القديمة في الاستحواذ على البنوك، وذلك حينما استحوذ على بنك “بانكا دي إميريكا” عام 1986 بدفع أكثر من نصف مليار دولار أمريكي، الأمر الذي خلق له حضور كبير ومميز في العالم، إضافة إلى شراكات مميزة أخرى.

ومنذ العام 2001 عزز بنك دوتشيه بانك تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال شراكاته واستحواذه على بعض الشركات المهمة.

المقر الرئيسي لبنك دوتشيه في البدايات

فضائح دوتشيه بانك:

أولا. دوتشيه بانك وترامب:

في تسعينيات القرن الماضي كان دونالد ترامب يعتمد بشكل كبير في أعماله العقارية على تمويلات من دوتشيه بانك.

وقد انقلب ترامب على علاقته مع دوتشيه بانك وذلك حينما طالب البنك في العام 2008 بمبلغ 3 مليارات دولار أمريكي بدعاوى مختلفة.

ثانيا. دوتشيه بانك والأزمة المالية العالمية:

تم اتهام البنك بأنه كان أحد المحركات الرئيسية لسوق الرهن العقاري بشكل مبالغ فيه وهو ما أدى حدوث فقاعة الائتمان العقاري في العام 2008 والتي أدت إلى حدوث الأزمة المالية العالمية بعد وقت قصير.

حيث اتهمت العديد من الأطراف البنك بأنه قام بصنع التزامات دين عقارية عالية جدا، وأنه قام بالرهان على منتجات ائتمانية رديئة.

بل وقد ذهب المستثمرون لمقاضاة البنك بحجة أنه قام ببيع قروض عقارية متعثرة قبل الانكماش الاقتصادي، وهو ما دفع البنك في العام 2014 إلى تسوية هذه القضايا بقيمة 1.93 مليار دولار امريكي.

ثالثا. دوتشيه بانك وأزمة ديون اليونان وعمليات غسل الأموال:

تشير بعض التقارير إلى وجود علاقة بين البنك  والديون الكبيرة في اليونان والتي سببت في أزمة اليونان المالية المشهورة.

وقد أعلن البنك عن تضرره بسبب أزمة الديون مما مكّنه من الحصول على بعض التعويضات المقدمة.

كما أن للبنك اتهامات كبيرة في عمليات غسل الأموال وخاصة الأوراق المتعلقة بملفات بنما.

حيث داهمت الشرطة مكاتب البنك الرئيسية عام 2018، وصرح البنك بأنه لا يوجد علاقات مثبتة بهذه العمليات.

وعلى الرغم من أعمال البنك وإيراداته الكبيرة، إلا انه ومنذ العام 2012 يقدم بيانات مالية مخيبة، وخلال الأزمة الحالية جرّاء كورونا أعلن عن تخفيضه للايدي العاملة، وضرورة إعادة الهيكلة.

وفي الوقت الحالي انفجرت فضيحة الوثائق المسربة حول العمليات المشبوهة بقيمة تزيد عن 2 تريليون دولار أمريكي، كان بنك دوتشيه بانك من أوائل المصارف المتهمة بتسهيل هذه العمليات.

وهذا ما يضفي إلى جملة المشاكل والفضائح الخاصة بالبنك قضية جديدة، ويدفعنا على الأسئلة التالية:

فما هو مصير البنك في ظل الوضع الاقتصادي الصعب؟

وما الذي ستؤثر به هذه القضية على أعمال البنك في مختلف أنحاء العالم؟

بل هل سيكون لها أثر كبير في إعادة هيكلة البنك بشكل كبير؟

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية