ربط العملة بالدولار وغيره: لماذا تتم وكيف تتم

تعرف عملية ربط العملة بعملة أخرى على أنها:

“سياسة تحدد فيها الحكومة الوطنية سعر صرف ثابت محدد لعملتها بعملة أجنبية أو سلة عملات”

غالبا ما يتم ربط العملة بالدولار الأمريكي، لغاية الحفاظ على قيمة العملة الوطنية ضمن نطاقِ سعرِ صرفٍ مُعيّنٍ وثابت.

وتشير Kimberly Amadeo إلى أن هناك ما لا يقل عن 66 دولة إما أنها قامت بربط عملتها بالدولار.

أو أنها استخدمت الدولار الأمريكي كعملة قانونية ورسمية في تعاملاتها.

وتعود بدايات عملية ربط العملة إلى اتفاقية بريتون وودز في العام 1944، وذلك في سعي الدول لإنشاء نظام مالي مستقر بعد الحرب العالمية.

ويعتبر اليورو وصيف الدولار، كثاني أكثر عملة رسمية ترتبط فيها عملاتُ دولٍ أخرى.

وتعود هذه المكانة، إلى أن أعضاء منطقة اليورو ينظرون إلى اليورو على أنه العملة الموحدة والقانونية في بلدانهم أيضا.

أضف إلى ذلك مكانة القارة الأوروبية في القارة الإفريقية؛ حيث أن غالبية الدول في أفريقيا والتي تنتهج سياسة ربط العملات، فإنها تربط عملاتها باليورو.

باستثناء جيبوتي وإريتريا اللتان قامتا بربط عملاتهما بالدولار الأمريكي.

عملية ربط العملة بعملات أخرى
عملية ربط العملة بعملات أخرى

كيف تعمل آلية ربط العملة؟

إذا أرادت دولة ما، ربط عملتها بالدولار مثلا، فإنها ستقوم بالآتي:

بداية سيقوم البنك المركزي في هذا البلد باعتبار أن العملة الوطنية تساوي سعر صرف ثابت دائم أمام العملة التي يتم ربطها بها.

ومن أجل إنجاح هذه الخطوة، فإنه يتوجب أن يكون لدى الدولة الكثير من الدولارات للحفاظ على سعر الصرف الثابت هذا.

ونتيجة لذلك فإن معظم البلدان التي تستخدم ربط العملة بالدولار الأمريكي لديها صادرات كبيرة بينها وبين الولايات المتحدة.

بل وتتلقى شركات هذه الدولة الكثير من المدفوعات بالدولار.

ويتبادلون الدولارات بالعملة المحلية لدفع أجور عمالهم ومورديهم المحليين.

في الخطوة الثانية بعد الربط سيراقب البنك المركزي لهذا البلد سعر صرف عملته نسبة إلى قيمة الدولار.

إذا انخفضت العملة الوطنية إلى أقل من سعر صرف الربط، فإنها ستحتاج إلى رفع قيمة العملة الوطنية، وخفض قيمة الدولار.

وتتم هذه الآلية عن طريق بيع أذون الخزانة والسندات الحكومية في السوق الثانوية.

وهذا ما يمنح البنك المركزي القدرة على الحصول على النقد المباشر من العملة المحلية من السوق.

والقصة هنا تخص أذون الخزينة والسندات الحكومية التي ستقوم بسحب المعروض النقدي من العملة المحلية، وبالتالي رفع قيمة هذه العملة وسعر صرفها أمام الدولار.

آلية ربط العمل
آلية ربط العمل

هنا أيضا يبرز سؤال بدهيّ:

لماذا يتم ربط العملة المحلية بالدولار برقم غير صحيح؟

الإجابة لأن الدولار الأمريكي معرض دائما وبشكل مستمر للتذبذب.

وهذا ما يؤدي إلى عدم القدرة على ربط أي عملة بالدولار من خلال رقم صحيح، فهذا سينهك الدولة في محاولات التصحيح الدائمة.

السؤال الأخير هنا أيضا هو:

لماذا تربط الدول عملتها بالدولار؟

إن وضع الدولار الأمريكي كعملة احتياط في العالم يدفع العديد من الدول للتفكير بهذه العملة كعملة أساسية في عملية الربط.

أضف إلى هذه السبب هو أن معظم المعاملات المالية والتجارة الدولية تتم بالدولار الأمريكي.

إلى جانب أن النظاما لمالي العالمي يعتمد بشكل كبير في تعاملاته القارية على عملة الدولار.

أما عن التجارة، فإن التعامل التجاري العالمي مع الولايات المتحدة الأمريكية يدفع الدول إلى المحافظة على سعر صرف ثابت للحفاظ على تنافسية الأسعار.

وهناك من الدول من قام بربط عملته بالدولار بأقل من دولار واحد مثل الدينار الاردني، وهناك القليل ممن ربطها بقيمة أعلى بكثير من دولار.

اما عن من ربطها بأقل من دولار، فهو يتعلق بجعل عملته منخفضة مقارنة بالدولار، لأنه يقوم بالتصدير المكثف إلى الولايات المتحدة.

أما عن الدول التي قامت بتقييم عملتها بأكثر من دولار بعد عملية الربط، فإن ذلك قد يكون مرده إلى أنها تعتمد على تصدير أمر بعينه، مثل الكويت التي تعتمد بشكل شبه تام على النفط.

وهو ما يدفعها إلى تقييم عملتها بأكثر من دولارات لتزيد قيمة المداخيل النفطية لديها.

فيما يلي قائمة ببعض الاقتصادات والمعدلات المقابلة التي ترتبط حاليًا بالدولار الأمريكي حتى عام 2018، كما جاء في موقع investopedia

العملات-المرتبطة-بالدولار-الأمريكي
العملات المرتبطة بالدولار الأمريكي

هذه السلسلة الأولى للحديث عن عملية ربط العملات المحلية بعملات أجنبية أخرى، وسيتم تناول مواضيع أخرى في هذا المجال تباعا بإذن الله.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية