هل خسرت شركات الطيران بسبب كورونا أم أنها تدعي ذلك

هل خسرت شركات الطيران بسبب كورونا ؟ 

ضربت الجائحة الحالية جيمع مفاصل الحياة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها في مختلف أنحاء العالم وكان على رأس المتضررين قطاع الطيران.

حيث كانت شركات الطيران العالمية من أوائل الجهات التي طالتها التأثيرات السلبية جرّاء وباء كورونا.

وذلك بعد أن تسابقت الدول في إغلاق حدودها أمام الآخرين خوفا من نقل الفايروس وتفشيه في بلدانهم.

وقد كان الجانب الأوروبي والأمريكي على رأس من تضررت سياحتهم، خاصة وأن السياحة تمثل 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي.

بل إن القطاع السياحي في أوروبا يعمل على تأمين ما لا يقل عن 11.9 مليون وظيفة.

أما عن القطاع السياحي في أمريكا فإنه لا يقل شأنا عن أوروبا، حيث يساهم أيضا بنفس النسبة، ويضمن للولايات المتحدة دخلا جيدا.

حيث قُدر حجم إنفاق الأفراد أثناء سياحتهم في أمريكا عام 2017 بربع تريليون دولار أمريكي، وفقا لموقع selectusa.

ومع توقف السياحة وتعطل المطارات، وإقفال الحدود، وجدت شركات الطيران نفسها في مهب عاصفة لم ترَ مثيلا لها.

فهبت مُسرعة إلى الحكومات لإنقاذها، وعلى رأسها شركة Lufthansa، والتي تلقت إشارات جيدة لدعمها من قبل الحكومة الألمانية بالمليارات.

توقف طائرات شركات الطيران بسبب كورونا
توقف طائرات شركات الطيران بسبب كورونا

وعديدة هي الشركات الأخرى التي أعلنت عن وضعها السيء، الذي دفعها إلى التخلي عن موظفيها وطواقمها بشكل كامل.

وقد تذرعت بتوقف أعمالها، وارتفاع تكاليفها التشغيلية مقارنة بالركود التام في أعمالها وتوقف إيراداتها.

وهنا يبرز السؤال الخاص بمقالتنا: هل خسرت شركات الطيران بسبب كورونا حقا  ؟!

يشير البعض إلى أن شركات الطيران لم تتكبد الكثير من التكاليف خلال العقد الأخير مقارنة بالإيرادات التي تحصلت عليها.

حيث وجدت مجلة business insider بأن تكلفة رحلة الطيران المحلية لم ترتفع سوى عشرين دولار.

في الوقت الذي قامت فيه شركات الطيران برفع الأسعار في الأمور الأخرى المصاحبة للطيران، مثل الامتيازات ورسوم الأمتعة، والوجبات إلى غير ذلك من أمور.

أما عن إيرادات شركات الطيران العالمية، فقد أشار موقع statista إلى أن الشركات حصلت على ما يقرب من تريليون دولار أمريكي عام 2019.

فيما أشار الموقع إلى انخفاض هذه العوائد إلى النصف تقريبا في العام الحالي، على أن تعود للارتفاع خلال العام القادم.

إذن فبالنتيجة البسيطة سنجد أن التكاليف لم ترتفع بشكل كبير، مقارنة بالنمو الجيد نوعا ما في الإيرادات باستثناء بعض الأعوام.


انصحك بالاطلاع على تاريخ موقع booking الأشهر عالميا في حجوزات السفر، بعنوان:

بصورة مختلفة تعرف على موقع بوكينغ booking.com

شركات الطيران وإنهاء عقود موظفيها وطواقمها
شركات الطيران وإنهاء عقود موظفيها وطواقمها

وهنا فإننا أمام رأيين مختلفين للإجابة عن سؤال المقالة، وسأقوم بعرضهما ومحاولة استعراض دفاع كل رأي عن نفسه بالأدلة.

الرأي الأول: يشير إلى أن شركات الطيران تذرعت بالكورونا للتخلص من عمالتها التي تكبدها تكاليف مرتفعة.

فيما يجد الرأي الآخر أن ما قامت به شركات الطيران هو أمر طبيعي، وخاصة أن تكلفة العمالة والوقود هي أكثر ما تتكبده شركت الطيران من تكاليف وفقا لموقع investopedia.

وإحقاقا للحق فإن الرأيين محل نقاش ودراسة، خاصة وأن كل رأي منهما يمكنه الدفاع عن نفسه بشكل جيد.

فالرأي الأول الذي يهاجم شركات الطيران ويجد بأنها تذرعت بالكورونا للتخلص من الرواتب المرتفعة.

يمكنه الدفاع عن نفسه بعد معرفة أن الخطوط الجوية الأمريكية مثلا تدفع رواتبَ متوسطها يبلغ 71 ألف دولار سنويا، إلى جانب رواتب قد تصل إلى 123 ألف دولار أمريكي كما يشير إلى ذلك موقع payscale.

وهذا فعلا يدفع إلى التفكير بأن شركات الطيران ستقوم بتعيين الطواقم بعد الجائحة بأرقام أقل بسبب البطالة المرتفعة التي ستدفع الكثيرين لقبول رواتب أقل مقابل الحصول على العمل.

أما الرأي الذي يجد بأن شركات الطيران قد تكبدت خسائر مرتفعة حقيقية.

فإنه أيضا يستطيع الدفاع عن نفسه بسبب توقف الأعمال بشكل كامل، باستثناء بعض أعمال النقل التجارية والطارئة لدى بعض الدول.

كما أنهم يمكنهم الدفاع عن أنفسهم، عبر عدم قدرة الشركات على الاستفادة من الانخفاض السعري في الوقود بسبب توقف أعمالها.

إضافة إلى أنها لا تمتلك أماكن تخزينية للنفط كما تفعل الدول وعلى رأسها الصين.

بل إن شركات الطيران تمثل جزءاً من الطلب الذي أثر انخفاضه على تخفيض أسعار النفط بالنتيجة.

وإذا ما أردنا الحديث بإنصاف، فإنه لا يمكن إنكار مدى الضرر الذي تكبدته شركات الطيران، خاصة وأن الأثر المباشر للوباء، تمثل في المقام الأول في العمل التشغيلي الرئيسي لهذه الشركات.

وأنا أميل للطرف الثاني في الوقت الحالي، لأننا ما زلنا نعيش زمن توقف السياحة والطيران، وتعطل أعمال الشركات بشكل شبه كامل.

أما عن الرأي الأول فإنه الحكم عليه تأييدا أو رفضا سيحتاج إلى الانتهاء من الوضع الصحي والاقتصادي الحالي.

وتحديد الفوائد التي ستعود على الشركات من حيث تحديد حجم تكاليفها الجديد، خاصة وأنه من المرجح أن تقوم بتخفيض أسعارها لتشجيع السياحة.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية