اسعار الوقود عام 2022 : أسباب قد تقود الوقود إلى الانخفاض العام القادم

اتجهت اسعار الوقود في العالم إلى الارتفاع، خلال فترات ما بعد عودة اقتصاديات من الدول، وذلك على خلفية زيادة الطلب لمقابلة الانتاج المطلوب، وقد تناول الكثيرون مسألة توقعات ارتفاع النفط من عدمه في الفترات القادمة، وفيما يلي سنشير إلى تحليل مجموعة من الباحثين والدارسين عبر موقع رويترز والذي خلص إلى إمكانية انخفاض سعر الوقود عام 2022 .


يعتمد انخفاض سعر الوقود عام 2022 على كمية انتاجِ النفط من قبل مجموعتين من المنتجين على وجه التحديد، وهما أعضاء منظمة أوبك، وشركات النفط الصخري الأمريكية.

أولا. لماذا ارتفعت اسعار النفط؟

ساهمت الاستجابة البطيئة من قبل منتجي النفط العالميين لمقابلة الطلب المتزايد عام 2021، في ارتفاع تكاليف الطاقة ورفع مستويات التضخم العالمية.

ويعود ارتفاع الطلب السريع على النفط، إلى انتعاش الاقتصاد العالمي، واستئناف السفر بمختلف أشكاله لدى العديد من الدول.

ولكن هذا التعافي في جانب الطلب، لم يقابله تعافٍ في جانب العرض، وهو ما أدى إلى ارتفاعات سعرية من جانب.

بل إنه أدى إلى زيادة مطالبة المنتجين الرئيسيين برفع الإنتاج الشهري من النفط.

وقد مهدّت الأسباب السابقة، الطريق أمام أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها، وذلك حينما وصلت إلى 86 دولار، قبل ان يحذر بعض الاقتصاديين إلى تجاوز البرميل 100 دولار.

ما هو الشرط الذي يجب أن يتحقق لينخفض سعر الوقود عام 2022 ؟

ربطت العديد من الجهات الرسمية، مسألة انخفاض أسعار الوقود، بشرط أن يتجاوز المعروض من النفط جانبَ الطلب.

حيث توقعت وكالة الطاقة الدولية IEA أن تتحول السوق، التي تبلغ حوالي 100 مليون برميل يوميا إلى فائض في الربع الأول من العام المقبل.

وهذا يعني أن يتجاوز العرضُ الطلبَ، بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا، وهو ما سيدفع سعر الوقود عام 2022 إلى الانخفاض.

بينما توقعت هيئة مراقبة الطاقة أن يرتفع هذا الفائض إلى 2.2 مليون برميل يوميا في الربع الثاني.

إلا أن هذه التوقعات، تعتمد وبشكل كبير على زيادة أعضاء أوبك للإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا.

لماذا ترفض أوبك زياد الانتاج من النفط؟!

لقد طالب العديد من المستهلكون بزيادة الانتاج من النفط، بعد أن قامت أوبك+ بإجراء تخفيضات كبير على خلفية انخفاض الطلب في بداية الجائحة.

إلا أن مسألة الزيادة المأمولة، والتي ستعمل على الضغط على أسعار النفط، ما زالت بعيدة عن مستوياتها.

حيث ما زالت مشاكل الصيانة والاسثمار لدى نيجيريا وأنجولا (أبرز المنتجين الأفارقة للنفط)، ما زالت تؤثر على الإنتاج حتى العام المقبل.

ونحن إذ أننا أمام هذه المشاكل، فإن مسألة النقص في الانتاج قد تستمر، لدرجة أنها ستمحو الفائض الخاص بالربع الأول.

إلا ان أوبك + ترفض زيادة الانتاج، بسبب مخاوفها من أن فيروس كورونا، ما زال قائما، وأنه قد يضعف الطلب مرة أخرى خلال فصل الشتاء.

إذن لماذا تتجه التوقعات نحو انخفاض اسعار الوقود عام 2022 ؟

قد تتجه الاسعار نحو الانخفاض لسبب مختلف عن مستويات الزيادة في الانتاج من قبل اعضاء منظمة أوبك.

حيث سترتفع كمية النفط من خلال :

  • زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة والغاز الطبيعي.

  • قيام بعض الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك بزيادة إنتاجها من النفط.

  • استخدام الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط لدى من الدول وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.

حيث قال ماركو دوناند، الرئيس التنفيذي للتاجر Mercuria Energy Trading ، في قمة تداول السلع في رويترز هذا الأسبوع:

“هناك عنصر واحد يمكنك من خلاله زيادة الطاقة الإنتاجية بشكل أكبر، وهو النفط الصخري في الولايات المتحدة”.

كما وتوقعت وكالة الطاقة الدولية زيادة هائلة قدرها 480 ألف برميل يوميا، بسبب انتاج الولايات المتحدة من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي.

بينما قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية:

“هناك امكانية رفع إجمالي انتاج النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي إلى 220 ألف برميل يوميا في الربع الثاني 2022”.

لتعود وتؤكد على أن هذه الأرقام في طريقها نحو الارتفاع بعد النصف الأول من العام القادم أيضا.

إلا أن هذا السبب أيضا لابد من النظر إليه بعين الفاحص والمتمعن.

حيث لم ترتفع أعداد منصات الحفر الخاصة بالنفط الصخري، على خلفية الارتفاعات السعرية.

وهو يعود إلى الضرر الهائل الذي أصاب شركات النفط الصخري الأمريكية خلال الفترة الماضية.

وهو ما أكد عليه جيفري كوري، الرئيس العالمي لأبحاث السلع في جولدمان ساكس، حينما قال:

“بلغ سعر برميل خام برنت 83 دولارًا ، ولا نرى ارتفاعًا كبيرًا في أعداد منصات الحفر”.

حيث تكافح شركات النفط الصخري من:

  • نقص العمالة والمعدات.

  • عدم يقين من عودة الطلب بشكل كافٍ، في ظل الظروف الضبابية الحالية.

وهو ما يتفق مع تصريحات ويليام بيري الرئيس التنفيذي في شركة كونتيننتال ريسورسز حينما قال:

“الارباح ما زالت هشة للغاية، ولا اعتقد أنه من المناسب لأي شخص ينتمي لصناعة النفط ان يفرط في الانتاج”.

أما عن الدول المنتجة للنفط والتي تنتمي لخارج منظمة أوبك، فهي بدورها ستتجه نحو زيادة الانتاج، وهو ما سيضغط على اسعار الوقود.

حيث من المقرر أن تبدأ غيانا من أمريكا اللاتينية، الوافد الجديد على مسرح النفط العالمي، في إنتاج 220 ألف برميل يوميا.

أما شركة بتريليو برازيليريو البرازيلية الحكومية، فتعمل على تكثيف انتاج منصتها العائمة والبالغة 180 ألف برميل يوميا.

أما فنزويلا فقد شهدت زيادة في صادراتها بعد تلقي المكثفات الإيرانية، وذلك بحسب تصريحات مدير برنامج الطاقة لأمريكا اللاتينية في معهد بيكر بجامعة رايس.

بينما أكدت آن لويز هيتل، نائبة رئيس شركة وود ماكنزي الاستشارية على إمكانية رفع انتاج النفط الكندي رغم تقييد الانتاج، حيث قالت:

“إن الإمدادات الكندية قد ترتفع بنحو 100 ألف برميل يوميًا في الربع الأول”.

بالنتيجة:

يلاحظ ان سعر الوقود عام 2022 سيتجه نحو الانخفاض بدعم من الزيادة في الانتاج من قبل دول ليست أعضاء في منظمة أوبك.

إلى جانب زيادة الانتاج الخاص بالنفط الصخري والغاز السائل لدى الولايات المتحدة الأمريكية.

وهو ما سيمثل بدوره إلى إحداث فائض في العرض النفطي (99.8 مليون برميل يوميا)، أمام الطلب النفطي (98.9 مليون برميل يوميا) في الربع الأول من العام القادم.

إلا ان هذا التوقع، يرتبط بشكل كبير، بسيطرة العالم على الفايروس، خلال فصل الشتاء الحالي؛ للحيلولة دون انتشاره وتأثيره على القدرة الانتاجية، والتي ستؤدي إلى الحاق الضرر الكبير بالنفط.

حيث أن إلحاق الضرر بجانب الطلب، سيعيد اسواق النفط إلى كارثة ابريل 2020 حينما انخفض اسعار العقود الآجلة إلى المنطقة السعرية السالبة.

وهو ما سيؤدي بالنتيجة إلى تغييل مستقبل النفط وخارطته المستقبلية بشكل كبير.

وحتى حدوث تلك الزيادة المتوقعة في الشهور الثلاثة الأولى من العام القادم، فإن اسعار الوقود ستبقى على وضعها الحالي.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية