اسعار صرف الشيكل ستبقى قوية في الفترات القادمة، والسر يكمن في هذا الأمر

على الرغم من تضرر قطاع واسع، من قوة اسعار صرف الشيكل ، سواء في أسواق الكيان الاسرائيلي أو في الأسواق الفلسطينية، إلّا أن قوة اسعار صرف الشيكل أمام العملات الأخرى، ساهمت، بشكل أو بآخر، في حماية اقتصاد الكيان الصهيوني من ارتفاع معدلات التضخم.

حيث تسببت اضطرابات واختناقات سلسلة التوريد، في ارتفاع الأسعار، لدى كل من أوروبا وأمريكا الشمالية.

وهو الأمر الذي كان اقتصاد الكيان محمياً منه، بشكل جزئي، من خلال ارتفاع قيمة الشيكل.

وتشير صحيفة جلوبس الناطقة باللغة الانجليزية، قائلة:

“إن العامل الرئيسي الذي يحد من التضخم لدى الاقتصاد الصهيوني، يتمثل في الوقت الحالي بقوة الشيكل”.

فلو لم يكن الشيكل قوياً، لتعرض المستهلكون والشركات العاملة في الأراضي المحتلة لاضطرابات سلسلة التوريد العالمية.

وهو الأمر الذي سيجعلهم في مواجهة قريبة جدا مع ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة من جميع أنحاء العالم.

إلا أن قوة الشيكل عوضت الكثير من هذه الزيادات التي حدثت في الأسعار.

ويمكن مقارنة التضخم الذي أصاب اقتصاد الكيان على مدار 12 شهراً ماضية نسبة 2.2%، بمعدل التضخم الأوروبي والأمريكي.

حيث ارتفع معدل الضرائب في عموم أوروبا إلى أعلى مستوى له منذ 13 عاما في أوروبا.

كما يمكن مقارنة معدل التضخم، أيضا، بذلك المعدل الذي شهدته أمريكا، والذي ضرب 5.3% على أساس سنوي في نهاية آب.

أما عن العامل الآخر، والذي يدفع المسؤولين في حكومة الكيان إلى الحفاظ على سعر صرف الشيكل.

فيتمثل بعدم قلق البنك المركزي من ارتفاعات عالمية في أسعار الفوائد في الوقت القريب على أقل تقدير.

حيث أبدت البنوك المركزية عدم استعجال في مسألة الحد من سياستها التوسعية، وذلك لأنها تخشى من أن يؤدي رفع أسعار الفوائد بشكل سريع إلى إلحاق الضرر بجانب العرض والطلب، وزيادة مشاكل سلاسل التوريد.

وهذا يعني باختصار، أن هناك مجالاً زمنيا ما زال يلوح في الأفق حتى العام القادم والذي قد يشهد ارتفاعات تدريجية في أسعار الفوائد وفقا لأغلب التوقعات.

كما قامت حكومة الكيان بإبرام صفقات على صعيد الطاقة، للحفاظ على نفسها من تأثير ارتفاع اسعار النفط المتوقعة عالميا.

فقامت بإبرام عقود ثابتة مع مالكي حقول غاز طبيعية، مثل حقول تمار وليفياثان.

بينما يتحدث محللو بنك هبوعليم، بلهجة مؤكدة، على أن الحكومة ستحرص على الحفاظ على قوة الشيكل في الوقت القادم.

حيث قال المحللون:

“سنرى قريبا تأثير التضخم الأعلى في أوروبا وأمريكا الشمالية، بسبب ارتفاع اسعار السلع الصناعية المستوردة وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط”

وهذا يدفع إلى القول بأن الحكومة ستكون حريصة خلال الفترات القادمة على قوة سعر صرف الشيكل، وتحديدا حتى موعد الإعلان عن أول رفع لسعر الفوائد، وفقا لحديث لمحللي هبوعليم.

حيث عزز الشيكل من قوته منذ بداية عام 2021 بنسبة 2.6% مقابل سلة من العملات الرئيسية المختلفة.

وذلك على الرغم من خطة البنك لكبح جماح قوته من خلال شراء العملات الأجنبية التي أعلن عنها سابقا.

وتبقى المعضلة ماثلة، كما أوضحت في بداية المقال، في أن هناك شرائح محددة، ستكون من أكبر المتضررين، وأبرزهم المُصدِّرون.

والذين أصبحت قيمة سلعهم أو منتجاتهم وخدماتهم أغلى في الخارج، مقارنة بما مضى.

حيث ارتفعت صادرات السلع التقليدية بنسبة 18.6% خلال العام الماضي، فيما ارتفعت صادرات السلع ذات التقنية المتوسطة بنسبة 15.5%.

وتبقى التوقعات الآن بالنسبة للبنك المركزي الاسرائيلي والذي لا يخشى حتى الآن من مسألة التضخم (هو أعلى بقليل من متوسط النطاق المستهدف للتضخم من قبل البنك والذي حدده ما بين 1-3%)

حيث أنه ومن المرجح قيام المركزي بتخفيض برنامج شراء السندات، فيما لا يُتوقع أن يبدأ رفع سعر الفائدة قبل منتصف العام القادم.

كما ستتجه الأنظار يوم الخميس نحو أي تلميح حول سعر الفوائد، أو التصرف ببرامج شراء السندات، وذلك أثناء اجتماع بنك إسرائيل لمناقشة سعر الفائدة.

حيث قال كبير المحللين الاستراتيجيين في بنك مزراحي تفاه “مودي شفرير”:

“بدأنا نتحدث عن ارتفاع اسعار الفوائد منتصف العام القادم، حتى قبل الحديث عن رفع سعر الفائدة الأمريكية المرتقب نهاية عام 2022”.

كما أضاف قائلا:

“البنك ألمح بأن سعر الفائدة سيبقى منخفضا لفترة أطول، على الرغم من معركة البنك المركزي التي يخوضها ضد قوة سعر الشيكل”

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية