اقتصاديون فلسطينيون يحذرون من اطلاق عملة رقمية فلسطينية في هذا الوقت

أشارت سلطة النقد الفلسطينية إلى دراستها إمكانية إطلاق عملة رقمية فلسطينية ، فهل تستطيع العملة الرقمية تحقيق السيادة للفلسطينيين؟ ولماذا قام اقتصاديون فلسطينيون بالتحذير من إطلاقها في هذا الوقت على وجه التحديد؟


أشرنا في موضع سابق في موقعنا إلى نية سلطة النقد عقد دراستين لإطلاق العملة الرقمية الخاصة بها، وقد أطلق بعض المراقبين الاقتصاديين تحذيرات بشأن هذه العملة.

وقد قامت TRT World بالتواصل مع سلطة النقد الفلسطينية، لبحث هذه الأخبار دون الكشف عن تفاصيل كثيرة حسب ما نشره الموقع.

حيث طرح الموقع مدى إمكانية أن تقوم العملة الرقمية الفلسطينية بتقليل اعتماد الفلسطينيين على الشيكل الاسرائيلي.

خاصة وأن الدولار الأمريكي والدينار الأردني يعملان كمخازن للقيمة بالنسبة للفلسطينيين.

بينما يتم استخدام الشيكل الاسرائيلي بشكل أساسي بين الفلسطينيين لإجراء معاملاتهم اليومية، منذ عام 1994.

حيث تم ضبط العلاقات الاقتصادية في ذلك العام بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، فيما سُمي آنذاك ببروتوكول باريس الاقتصادي.

حيث حددت الاتفاقية العلاقة بين الجانبين، كما وافقت السلطة الفلسطينية فيها على عدم إصدار العملة الخاصة.

محللون اقتصاديون يحذرون من طرح العملة الرقمية في فلسطين:

على الرغم من أن إعلان فلسطين عن دراسة إطلاق العملة الرقمية سيضع فلسطين بين الدول المتقدمة التي تدرس هذ الطرح، إلا أن هناك بعض المحللين الاقتصاديين الذين أعربوا عن عدم يقين بمدى جدوى هذه العملة.

حيث قال رجا الخالدي مدير معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني لموقع TRT World:

“لا نعرف المرحلة التي وصلت إليها دراسة سلطة النقد الفلسطينية، وما الذي دفعها إلى ذلك”.

وأضاف قائلا:

“هل المقصود منها استيعاب المستويات المرتفعة من تداول الشيكل الإسرائيلي في الأسواق الفلسطينية بطريقة ما، أو استخدامها كمخزن للقيمة، والتبادل في نهاية المطاف؟”

بينما تساءل عما إذا كانت هذه العملة ستكون وسيلة لإبراز هوية نقدية فلسطينية رمزية فحسب.

كما حذر الخالدي من أن رقمنة القطاع المالي الذي يتقدم تدريجيًا في فلسطين سيمثل تحديًا مختلفًا مقارنة بالرقمنة النقدية.

فيما اعتقد الخالدي بأن ظروف الاقتصاد الكلي الموجودة في فلسطين لا تساعد على إصدار عملة رقمية.

حيث رأى الخالدي بأن توفير عملة رقمية للناس سيكون أمرا محفوفا بالمخاطر في ظل التكوين السياسي الحالي مع تشوهات اقتصادية هيكلية وغياب السيادة أو مساحة الاقتصاد الكلي الفلسطينية المستقلة.

أما زين أبودقة ، مدير الأبحاث في شركة Momentum Labs التكنولوجية الناشئة، فقد أبدى بعض التحفظات.

حيث قال:

“إن العملة الفلسطينية، الرقمية أو غير ذلك قد تكون فكرة سيئة للعديد من الاسباب وأهمها:

  • الاعتماد على المانحين.

  • نقص الضوابط والتوازنات على السلطة التنفيذية.

  • عدم السيطرة على معظم مساحة الأرض والحدود والتجارة والميزانية الحكومية.”

كما أشار زين للعقبات التي يجب تخطيها لإطلاق العملة الرقمية، وهي:

فرض القانون في اقتصاد يتسم بدرجة عالية من الاعتماد على السيولة مصحوبًا بالاعتماد على تدفق الأموال من الخارج – وخاصة إسرائيل.

حيث يرى أبو دقة بأن معظم دخل الضفة الغربية يأتي من عمال فلسطينيين يعملون في اسرائيل ويتقاضون رواتبهم بالشيكل.

كما يرى أبو دقة عقبة في تحقيق والحفاظ على الاستقرار المالي.

بينما يجب أن يتم حل معضلة أخرى، وهي ضرورة إشراك الجهات الفاعلة الأخرى في الاعتراف بعملة جديدة خارج الضفة الغربية وغزة.

وقد وجد البعض وفقا لـTRT أن تطوير عملة رقمية سيادية في فلسطين من المحتل أن تتأثر بشكل سلبي بالوضع الاقتصادي السيء على أرض الواقع.

حيث يرى أبو دقة بأن أنظمة الدفع الالكترونية العالمية ما زالت محدودة للغاية في الضفة الغربية بسبب انخفاض مستويات الشمول المالي.

بل رأى أن منصات التجارة الالكترونية الدولية نادرًا ما تتعرف على البنوك الفلسطينية أو حلول الدفع الخاصة بها.

كما أضاف أبو دقة مشكلة أخرى تتعلق بمحدودية توافر الإنترنت ونقص الكهرباء في غزة على وجه التحديد.

هذه الأمور مجتمعة تدفع إلى التساؤل عن مدى جدوى دراسة الأمور التالية:

هل من الضروري العمل على اطلاق العملة الرقمية في هذا التوقيت.

أم يجب العمل على معالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية ونشر الوعي المالي وتوسيع قاعدة الشمول المالي، بغية تمهيد الطريق نحو إطلاق عملة رقمية فلسطينية.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية