فك لغز تفوق شركة أبل وكيف حققت 3 تريليونات دولار أمريكي تحت قيادة تيم كوك

حينما توفي ستيف جوبس، وهو صانع معجزة شركة أبل الأمريكية، قال “لاري إليسون” الرئيس التنفيذي لشركة أوراكل، بأن شركة أبل ستكافح جدا من أجل الصمود تحت قيادة تيم كوك، إلّا أن شركة أبل تغلبت على تشاؤمه بشكل فاق كل التوقعات، وإليك لغز تفوق شركة أبل ووصولها إلى 3 تريليونات دولارات.

تيم كوك خليفة القيادة الفذة!

لقد تفوق تيم كوك باعتباره وصيفا وخليفة لستيف جوبس، بشكل فاق كل التوقعات، وبشكل تغلب على جميع الأرقام.

ويمكننا ملاحظة هذا التفوق من الأيام الأولى لتيم كوك، وذلك حينما نمت القيمة السوقية لشركة أبل.

حيث نمت بأكثر من 700 مليون دولار منذ اليوم الأول من تعيينه عام 2011 وحتى يومنا هذا.

ولكن التوقعات المتشائمة حول مستقبل أبل تحت قيادة تيم كوك، لم تكن حصرا على أليسون، بل كانت توقعات العديد من المراقبين والمستثمرين.

حيث قال “تريب ميكل” وهو مؤلف الكتاب الذي سيصدر قريبا عن تاريخ الشركة في السنوات العشر الماضية:

“كانت الشكوك منتشرة عندما تم تعيين كوك، من جميع متعاملي وول ستريت، والعملاء الذين يحبون الشركة”.

لغز تفوق شركة أبل ! ثلاثة أسباب رئيسية!

لقد كان الارتفاع غير العادي في القيمة السوقية لشركة أبل، ثمرة جهود جبارة، وثورات متتالية في عالم الهواتف الذكية الذي بدأه ستيف جوبز نفسه.

ويتحدث الكثيرون عن أن اللغز في ذلك يعود إلى خبرة تيم كوك، التي امتدت من تعامله الفذّ مع سلاسل التوريد، إلى البراعة الدبلوماسية في التعامل مع السوق والمنافسين والحكومات.

أولا. التعامل التشغيلي الكفؤ مع السوق:

يقول “راي وانج” رئيس شركة كونستليشن ريسيرش في وادي السيليكون:

“كان ستيف صاحب رؤية ثاقبة،بينما كان تيم خبير في الكفاءة، ومعلم تشغيلي”.

كما أضاف قائلا:

“في مرحلة معينة، أنت بحاجة إلى كليهما، الخبرة والرؤية”.

حيث تضخمت الإيرادات السنوية لشركة أبل من 108 مليار دولار، إلى 365 مليار عام 2021.

كما نما صافي الأرباح 3.7 مرة ، من 26 مليار دولار إلى 95 مليار دولار.

وهذه الأرقام تعكس طريقة تيم كوك في تطوير الخدمات، وتطوير البرمجيات التي أدت إلى مكاسب ثابتة من الإيرادات.

بينما نمت أعداد العملاء الذين يتعاملون مع الوسائط الرقمية التي توسعت مجالاتها تحت قيادة تيم كوك، ليصلوا إلى 800 مليون عميل.

وهذا الأمر ساهم كثيرا في دفع سعر سهم الشركة إلى مستوى أصبحت فيه نسبة السعر إلى الأرباح أعلى ثلاث مرات مما كانت عليه قبل عقد من الزمان.

ويمكن الحديث عن المنتجات الرئيسية التي ظهرت في عهد تيم وهما AirPods و Apple Watch.

حيث حققت هذه المنتجات نجاحات كبيرة؛ وبلغت حصصهما في السوق 25% و 31% على التوالي.

ولكن السر الأكبر لفك لغز الثلاثة تريليونات دولار، فتكمن في قسم الخدمات الذي أثبت بأنه أكثر أهمية بكثير من المنتجات.

حيث حقق عائدات تقارب 70 مليار دولار، بهوامش ربح صافية تبلغ 70%.

ثانيا. الدبلوماسية في التعاطي مع الظروف:

أما عن الدبلوماسية، فقد أثبت تيم كوك بأنه كان دبلوماسيا ماهرا، حيث ساهم تركيزه على خصوصية المستهلك على تجنب حنق الكثير من الدول التي كانت وما زالت تخاف من التكنولوجيا.

فمثلا قام تيم كوك في الصين بتوقيع صفقات لتوسيع تواجد الشركة، وقام ببناء أعمال تجارية بقيمة 68 مليار دولار في البلاد.

بينما تجنب في أمريكا الرسوم الجمركية على منتجات أبل من خلال مناشدته بطريقة دبلوماسية للرئيس السابق ترامب.

كما يمكن ملاحظة أن تيم كوك قام بتجنب أي شيء غير ضروري حتى لو كان جالبا للأرباح.

فلم ينضم لفيس بوك ومايكروسوفت أو أمازون في استغلال البيانات لتحقيق الأرباح.

أما فيما يتعلق بأداء الشركة خلال جائحة كورونا، فقد انتهج تيم كوك فرض العمل من خلال المنزل بدبلوماسية راقية، لتستمر الشركة في تقديم خدماتها بشكل جيد حتى في ظل الإغلاق.

ثالثا. تعاطيه مع نفسه وعدم الالتفات إلى إرث شخصية سلفه:

أما فيما يتعلق بالسر الآخر من شخصية تيم كوك، هو كيفية تعامله مع إرث ستيف جويس، وعدم حصر نفسه في ظل الرئيس الناجح السابق.

حيث أضاف تيم كوك لنفسه فريقا رائعا ورفيع المستوى من المدراء التنفيذيين في جميع المجالات.

كما يمكن ملاحظة أنه اعتمد بشكل كبير على الأعضاء المتواجدين في الشركة، بدلا من تغيير شخصيات كانت متواجدة في زمن ستي جوبس.

فلم يقدم إلى فريق عمله من الخارج سوى ثلاثة أشخاص من أصل 12 مدير.

بل إنه قام أيضا بالتركيز على الاستحواذات كطريقة فعالة للتطوير، دون التشبث بأصالة الفكرة، كما وابتعد عن الائتمان قدر الإمكان.

لقد كانت هذه نبذة موجزة لتفسير شخصية تيم كوك، والتي قام بتقديمها باتريك ماكجي مراسل صحيفة فاينانشيال تايمز.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية