لماذا لا تقوم أمريكا بإعادة رفع قيمة الدولار الأمريكي : خمسة أسباب

يتساءل الكثيرون عن موقف أمريكا من عملتها، ويطرحون سؤالا مفاده: لماذا لا تقوم امريكا بإعادة رفع قيمة الدولار الأمريكي

حيث شهد الدولار الأمريكي حالة هابطة منذ شهر آذار تحديدا، باستثناء بعض الفترات القصيرة خلال العام 2020.

وقد أدى هبوط هذه العملة المهيمنة إلى شكوى الكثيرين، خاصة في ظل انخفاض القيمة الحقيقية لثرواتهم المقيّمة بالدولار الأمريكي.

وعلى الرغم من ذلك الانخفاض ، إلا أننا نجد انشغالا أمريكيا في إنقاذ قطاعات الاقتصاد والحد من أرقام البطالة من خلال طباعة الأموال وإغراق السوق بالدولار الأمريكي.

وفيما يلي محاولة للإجابة عن سؤال المقالة: لماذا لا تقوم أمريكا بإعادة رفع قيمة الدولار الأمريكي ؟

وذلك استنادا إلى آراء ووجهات نظر قد تكون متضاربة لدى البعض، أو غير مقنعة لدى البعض الآخر.

أولا. يعتبر الدولار الأمريكي العملة الأولى في الاستخدام الدولي بنسبة تتراوح بين 80-90%، تليه عملة اليورو بمستويات بعيدة جدا.

ثانيا. حافظ انخفاض الدولار على ارتفاع أسعار الأصول والأصول الخطرة ، وهو ما يعني الحد من حركة انكماشية شديدة.

ثالثا. الدولار هو مقيّاس لثروات أكبر الأغنياء.

فعلى الرغم من استفادتهم من انخفاض قيمة الدولار لرفع قيمة ثرواتهم في خارج أمريكا، والاستفادة من انخفاض الدولار لزيادة الصادرات، إلا أنهم سيتحركون آجلا أم عاجلا لإعادة رفع قيمة الدولار الأمريكي على المستوى الطويل.

وذلك لإعادة القيمة الحقيقية للثروات المقيمة بالدولار الأمريكي، ناهيك عن انخفاض الدولار لا يعني تشجيعا على التصدير مقابل استيراد مرتفع الثمن.

رابعا. أمريكا تُدرك بأن ارتفاع الدولار الأمريكي أمرٌ غير مرغوب فيه لدى الدول الأخرى.

فمثلا كانت قوة اليورو أحد العوامل الرئيسية في ضعف الدولار، مدفوعا بالاختلافات في أسعار الفائدة وتوقعات الأسعار.

وهذه الارتفاعات ستمثل أخبارا غير سعيدة بالنسبة البنك المركزي الأوروبي، وذلك لأنه مُطالب بوضع سياسة نقدية لمجموعة اقتصادية متنوعة.

ففي الوقت الذي ستحتاج فيه بعض الدول السياحية ليورو ضعيف، فإن دولة صناعية مثل ألمانية تحتاج ليورو قوي.

وهذا يدفع أمريكا إلى الاطمئنان، خاصة في ظل رغبة الآخرين في تخفيض قيمة عملاتها أمام الدولار.

خامسا. يمكن اعتبار الدولار الأمريكي على أنه بمثابة الزيت الذي يشحم ماكينة التجارة العالمية وهو ما يمكن أن يولد عامل اطمئنان بالنسبة للدولار.

وكثيرة هي الآراء والتوقعات التي تشير إلى أن الدولار سيعود للارتفاع بشرط إعادة الحياة الطبيعة إلى مجاريها.

وهو الأمر الذي يفسر اهتمام أمريكا بالقطاعات الاقتصادية وإعادة إنعاشه لإنعاش الدولار بالنتيجة وهو ما لن تستطيع القيام به العام المقبل وفق المحللين.

وإذا أردنا الحديث عن مثال حيّ على ذلك فإنه لابد من العودة إلى أقرب هبوط لمؤشر الدولار الأمريكي خلال السنوات العشرين الماضية.

حيث انخفض المؤشر كثيرا بعد العام 2001 وهو ما أدى إلى طفرة في الأسواق المالية الأمريكية وصولا إلى أزمة عام 2008.

ثم عاد ليرتفع بعد العام 2011-2012 وهي الفترة التي بدأ الحديث فيها عن عودة الاقتصاد إلى ما كان عليه بعد حزم الإنعاش الأمريكية آنذاك.

ليعود إلى الانخفاض في ظل إدارة ترامب الذي كان وما زال يجد في الدولار الأمريكي المنخفض أمرا جيدا.

هذه الأمور تدعو إلى التفكير مليّا في الدولار الأمريكي، وموقعه في الاقتصاد في الوقت الحالي.

وهذا التفكير العقلاني بقوة الدولار وموقفه في التبادلات العالمية، هو أمر تدركه أكبر الدول وأكثر منافسة لأمريكا وأقصد الصين.

لماذا لا تقوم أمريكا بإعادة رفع قيمة الدولار الأمريكي

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية