ما الذي تحتاجه الصين لتحقيق السيطرة على العالم

ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية متفردة في السيطرة على النظام الاقتصادي العالمي، ولا ينافسها في ذلك سوى الصين، والتي تحتل المرتبة الثانية اقتصاديا من حيث الناتج المحلي، فما الذي تحتاجه الصين لتحقيق السيطرة كاملة على العالم؟ 

تحتل الصين اليوم المركز الثاني من حيث الناتج المحلي الإجمالي بحجم يناهز 14.5  تريليون دولار، وبعلاقات اقتصادية متشعبة مع مختلف أطراف العالم، إما من خلال الدعم الاقتصادي أو التعاون في مجالات مختلفة، أو حتى من خلال تقديم يد العون والمساعدة بشكل مباشر بصفتها فاعلٌ عالميٌ محوري وأساسي، كما أنها تعتبر المُصدّر الأساسي للكثير من السلع والخدمات التي يعتمد عليها العالم، وبعيدا عن التكنولوجيا التي تُعتبر واحدة من أهم روّادها، فهي مُصدّرٌ أساسيٌّ من حيث المواد الغذائية وعلى رأسها القمح مثلا، أو السلع الثقيلة وعلى رأسها الصلب الخام، كما أنها تعتبر المستورد الأساسي للنفط الذي تعتمد عليه دول بأكملها مثل دول الخليج العربي وغيرها من الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وليس هناك دليل على أهمية الصين بالنسبة للدول المنتجة للنفط كتلك الأيام التي توقفت فيه عجلة الإنتاج الصيني فأثرت سلبا على معطيات السوق النفطي العالمي.
وفي مقالة حملت عنوان “ما الذي تحتاجه الصين للسيطرة على العالم؟” للباحث في جامعة هوبكنز والكاتب في مجلة Bloomberg.opinion السيد “هال براندز”، أشار فيها إلى طموح الصين العلني في السيطرة على العالم بشكل أو بآخر، وأن مشاريعها الاقتصادية ستكون شريان هذا التفرد والتقدم، وأشار “هال” إلى أن تصريح الحزب الشيوعي الصيني بأنه يعني ما يقوله ويعرف ما يريد؟ ما هو إلا رداً صريحاً على اتهامات الجانب الأمريكي حول عدم وضوح الرؤية لدى الصينيين.

وقد قام خبراء صينيون مؤهلون بجمع أدلة وبراهين تثبت على أن الحكومة الصينية تهدف بالفعل إلى التفرد بالقوة العالمية والتفوق العالمي بشكل كامل، واستدلوا بذلك من خلال ما أصبح عليه كبار المسؤولين الصينيين والسياسيون الصينيون في خارج البلاد، حيث تصريحاتهم العلنية والحديث المباشر عن طموحات الصين في التفرد والتفوق.

كما واعتبر التقرير  المنشور على موقع Bloomberg. opinion بأن خطاب الرئيس شي جين بينغ عام 2017 أمام الحزب الشيوعي الصيني كان أحد أكثر البيانات حجية وتعبيرا عن سياسة الحزب وأهدافه في المستقبل.

وقد أشار الرئيس الصيني في ذلك الخطاب إلى أن “الصين توقفت فترة، ثم أصبحت أكثر ثراءً، أما الآن فهي أكثر قوة أيضا، وأن الحكمة الصينية قادرة على حل المشاكل التي تواجه البشرية “، ثم أردف الرئيس آنذاك بوعدٍ يمتد حتى العام 2049 مفاده بأن الصين سوف رائدة العالم من حيث القوة الوطنية والنفوذ الدولي، وأنا ستنجح في إنشاء “نظام دولي مستقر”.

وتطرق “هال”  في مقالته إلى رأي الخبيرة الصينية (ليزا توبن) التي وجدت في تصريحات الرئيس الصيني والمسؤولين الصينيين، رؤية صينية واضحة وصريحة وهي “بناء شبكة عالمية من الشراكات التي تركز على الصين بدلا من النظام الأميركي” وذلك لأن العالم سيراهن على حداثة الصين بعدما سيكون قد أرهقت من التجربة الأمريكية القديمة.

وقد ختم الكاتب مقالته، بأن كل ما يقولوه المسؤولون الصينيون لا يمكن أخذه على محمل التأكيد بشكل كبير، لأن ذلك يذكر وبشكل تاريخي بما كان يقوله قادة ومسؤولين الاتحاد السوفييتي خلال حربهم البادرة مع الولايات المتحدة الامريكية، بل وألمح “هال” بأن القادة الصينيين يقولون في الواقع أقل مما تفعله البلاد على أرض الواقع.

أما عن إجابة سؤال المقالة عن ماهية احتياجات الصين الحقيقية للتحقيق السيطرة على العالم، فإنني سأقوم باختصار هذه الإجابة وفق ثلاثة محاور:

أولا. قدرة الصين في السيطرة على صناعات التكنولوجيا الفائقة الذكاء في جميع أنحاء العالم.
ثانيا. قدرتها في تحقيق مبادرة الحزام والطريق (طريق الحرير التجارية الأضخم والتي تشمل قارات عديدة).
ثالثا. القدرة على عقد معاهدات جديدة أو الحفاظ على معاهداتها السابقة، والتعامل الهادئ والسليم مع أية أزمات مهما كان نوعها.

فل تستطيع الصين السيطرة على العالم ؟


للمزيد من المواضيع التي تخص اقتصاد الصين 

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية