نموذج اقتصاد الدونات وكورونا : النموذج الذي سينعش الاقتصاد

يبدو بأن نموذج اقتصاد الدونات وكورونا سيكون عنواناً رئيسيا لمرحلة ما بعد الجائحة؛ بحيث سيمثل هذا النموذج طريقا لاقتصاد مختلف وجديد، بمفاهيم ونظريات مغايرة عن النظريات الكلاسيكية.

وفيما يلي ملخصٌ عن أهمية هذا النموذج وعلاقته بالانتعاش الاقتصادي الذي يتأمل الجميع حدوثه بعد انقضاء الجائحة.


تتجه المدن مؤخرا نحو تبني هذا النموذج الاقتصادي الغريب المدعو باقتصاد الدونات، باعتباره نموذجا رائدا ومهما.

حيث تعتبر العاصمة الهولندية أمستردام أول مدينة في العالم تتبنى هذا المفهوم بشكل رسمي في شهر أبريل من العام الماضي.

وقد تبنت بلدية العاصمة هذا النموذج في الوقت الذي كانت تعاني فيه من أعلى نسبة وفيات عالميا بسبب كورونا، نظرا لما رأت فيه من حداثة ورؤية بعيدة المدى. 

ويعود هذا النموذج الاقتصادي إلى المؤلفة والخبيرة الاقتصادية البريطانية “كيت راورث”، والتي قالت لوكالة CNBC:

“إنها مسألة وقت قبل أن يتم تبني هذا المفهوم على المستوى الوطني”

كما تؤكد الكاتبة على أهمية هذا النموذج قائلة:

“يهدف اقتصاد الدونات؛ إلى: العمل كبوصلة للتقدم البشري، وإحداث التنمية المستدامة، وتجديد الاقتصاد”.

أما عن الاسم؛ فينبع من الشكل الذي صممته الكاتبة عام 2012، ونشرته في كتابها عام 2017.

حيث يتخذ هذا النموذج شكل كعكة دائرية، بقشرة خارجية وداخلية، وثقبٍ في المنتصف.

وتمثل القشرة الخارجية السقف البيئي للأرض؛ والذي لا بد من الحفاظ عليه من الاستخدامات السلبية للموارد.

أما الحلقة الداخلية فتعتبر عن سلسلة من المعايير الاجتماعية التي تحكم الإنسانية بشكل متوازن.

بينما يمثل الفراغ الموجود في المنتصف، البقعة التي يتواجد فيها الأشخاص العاجزين عن الوصول إلى أساسيات الحياة.

نموذج اقتصاد الدونات وكورونا : الرسم التوضيحية لقطعة الدونات
نموذج اقتصاد الدونات وكورونا : الرسم التوضيحية لقطعة الدونات

أما إذا تأملنا شكل النموذج أعلاه، فإننا سنلاحظ الأمور التالية:

  • تحيط الضروريات البيئية الأساسية بنا، ولابد من عدم تجاوزها أو الإضرار بها، بل القيام بكل أعمالنا، ضمن نطاق الحفاظ عليها، وعلى رأسها البيئة وحل مشكلة تغير المناخ.

  • كما يجب القيام بتأمين حياة آمنة وسليمة للمجتمع، من خلال تجديد الاقتصاد وإعادة صياغة المفاهيم القديمة.

  • أن يقوم صُنّاع القرار والقائمين على الاقتصاد برفع مستويات الأفراد العاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، من أمن، ومسكن ومأكل ودخل محترم، وصحة سليمة، وعدالة ومساواة مجتمعية.

كما أكدت الكاتبة على أن هذه النظرية تحرص على ضمان امتلاك كل شخص للموارد الأساسية ليعيش حياة كريمة وفرص جيدة.


نموذج اقتصاد الدونات وكورونا : نموذج يشهد صخبا متزايدا!

أشاد البابا فرانسيس بهذا النموذج سابقا، واعتبره نموذجا انسانيا شاملا، فيما حظي باهتمام عالٍ وسط الأزمة الصحية العالمية.

كما يؤكد علماء الاقتصاد والاجتماع على أهمية هذا النموذج، وذلك بعد رؤيتهم للاستخدام السيء من قبل الإنسان للموارد البيئية للحفاظ على مصالح فردية مطلقة ضمن النظام الاقتصادي الحالي.

وقد عملت الكاتبة مع صُنّاع القرار في امستردام منذ نهاية عام 2019، لتوضيح النموذج للجميع، وجعله نموذجا عمليا للمدينة، لينطلق رسميا في 8 إبريل 2020.

أما عن سبب تبني هذا المفهوم في توقيت حرج من الجائحة، فيعود إلى شعور المسؤولين بأن الناس كانوا يتوقون إلى سماع أفكار جديدة ومتفائلة لإعادة بناء الاقتصاد بعد الأزمة.

وقد انتبهت كوبنهاغن في الدنمارك إلى هذه النظرية، بعد ستة أسابيع من إنطلاقها في امستردام، فيما انتبهت بروكسل لها في نهاية العام الماضي، لتتبعها مدينة نانايمو الكندية.

فيما أكدت الكاتبة على أن العديد من البلدات والمدن على اتصال بها اسبوعيا، أهمها: كوستاريكا والهند وبنغلاديش وزامبيا وبربادوس.

أما عن إمكانية نجاح هذه النظرية في أمستردام، تقول وزيرة الدولة لشؤون منطقة بروكسيل:

“إحدى أهم السمات الخاصة بهذه النظرية هو ديناميكيتها التشاركية العميقة”

كما أضافت:

” يعتبر هذا النموذج نقلة نوعية، ويساعد في تشكيل اقتصاد مختلف وجديد”.

بينما قال المسؤول عن التحول الاقتصادي والبحث العلمي لمنطقة بروكسل :

“سيساعد هذا النموذج في تشكيل جهود المنطقة للنظر إلى الاقتصاد بشكل مختلف”.

وأكد على أن الناس سيفهمون قوة هذه النظرية، ومدى قدرتها على تحريك الجبال، ونقل الاقتصاد إلى مكان آمن مختلف وأفضل.

 

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية