أزمة الغذاء في الوطن العربي : كارثة قد تزداد بسبب سوء الاستهلاك في شهر رمضان

تتسبب الحرب الروسية الأوكرانية في اقتراب العالم العربي من أزمة الغذاء التي باتت تتضح معالمها بشكل أكبر مع مرور الأيام، وتحديدا لدى الدول العربية التي تعاني أساسا من مشاكل اقتصادية كبيرة مثل لبنان، وهي الأزمة التي كانت قد بدأت بعد كورونا ولكن بنسبة أقل حدة مما هي عليه الآن.

حيث تقول أحد المحاضرات في أحد الجامعة اللبنانية لوكالة الفاينانشال تايمز:

“اختفى الدقيق من المحلات منذ بداية شهر آذار، وارتفع سعر الخبز بنسبة 70%”.

وبذلك فإن المستهلكين في لبنان يواجهون ضربات أكبر مع انقطاع الموارد الغذائية الأساسية التي كان يتم استيرادها من أوكرانيا مثل القمح.

بينما ترتفع حدة المشاكل في لبنان مع انهيار العملة الوطنية التي ساهمت في تآكل الأجور والرواتب بنسبة 90%.

وعلى الرغم من الحديث عن انخفاض بعض أسعار الحبوب عن المستويات المرتفعة التي حققتها بعد الهجوم الروسي مباشرة، إلا أن حالة عدم اليقين المحيطة بالصادرات الروسية أو الأوكرانية أبقت على أسعار القمح أعلى بمقدار الثلثين عما كانت عليه قبل عام.

كما تزداد هذه الأزمة الغذائية في الوطن العربي، لأن الحبوب والزيوت النباتية من أوكرانيا وروسيا تعتبر أمورا حساسة بالنسبة للأمن الغذائي والاستقرار السياسي.

بينما ترتبط الارتفاعات الحادة في أسعار المواد الغذائية ارتباطًا وثيقًا بعدم الاستقرار الاجتماعي.

وقد أدت أزمة الغذاء في 2007-2008 الناجمة عن الجفاف في البلدان الرئيسية المنتجة للقمح والأرز وارتفاع أسعار الطاقة إلى أعمال شغب في أكثر من 40 دولة حول العالم.

وقد قال صندوق الأمم المتحدة الدولي للتنمية الزراعية:

“إن تأثير ارتفاع أسعار الغذاء ونقص المحاصيل بدأ بالفعل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

حيث قال جيلبرت هونجبو ، رئيس الصندوق:

“قد يتسبب ذلك في تصعيد الجوع والفقر مع تداعيات وخيمة على الاستقرار العالمي”.

وباستثناء دول الخليج المصدرة للنفط، فإن معظم الدول العربية لديها اقتصادات ضعيفة وتعتمد على الغذاء والطاقة المدعومين.

وبصرف النظر عن لبنان الذي أشرنا إليه في البداية، فإن أوكرانيا هي المورد الرئيسي للقمح إلى تونس وليبيا وسوريا.

بينما تعتمد مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، على روسيا وأوكرانيا في شراء أكثر من 80% من وارداتها من القمح.

وقد سعت الحكومات في جميع أنحاء المنطقة إلى احتواء التأثير غير المباشر من خلال:

محاولة شراء المزيد من الإمدادات الغذائية من المنتجين الآخرين في أوروبا.

تقنين وفرض حظر تصدير على المواد الغذائية الأساسية بما في ذلك الدقيق والمعكرونة والعدس.

إلا أن الخبراء أكدوا على أن مستوردي الحبوب والطاقة، مثل مصر وتونس والمغرب، سيجدون ميزانياتهم تحت ضغط أكبر لأنهم ينفقون المزيد على الواردات والدعم.

فيما قالت كريستالينا جورجيفا ، العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي، في وقت سابق من هذا الشهر:

“إن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعتمد على واردات الطاقة والغذاء ستشعر بآثار الحرب بشدة”.

كما أعربت عن قلقها حول الأوضاع الاقتصادية في مصر وتحديدا الفئات السكانية الضعيفة والشركات المعرضة للخطر.

أما المحللون في بنك جولدمان ساكس فقد قالوا:

“إن أكبر خطر على المدى القريب على مستقبل مصر في الأشهر المقبلة سيدور حول تعديلات أسعار السلع الأساسية التي قد ترتفع”.

أما في تونس، فقد تم توقع المزيد من النقص في الأغذية مع اقتراب شهر رمضان المبارك، عندما يرتفع استهلاك الغذاء، إلى دفع المتسوقين المذعورين إلى إفراغ أرفف المتاجر.

في النهاية فإن آثار الحرب الروسية في أوكرانيا ستبدأ في التأثير على الوطن العربي بشكل أوضح على المدى القريب.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية