إفلاس بنك ليمان براذرز : القصة الخفية وراء أكبر إفلاس في التاريخ الحديث

وصلت الأزمة المالية العالمية أو ما عرف بأزمة الرهن العقاري عام 2008، إلى ذروتها مع إفلاس بنك ليمان براذرز ، وفيما يلي قصة أشهر إفلاس في تاريخ أمريكا أو تاريخ العالم الحديث.

تم إخطار ليمان براذرز بتخفيض التصنيف الائتماني الخاص به بسبب مركزه المثقل بالرهون العقارية عالية المخاطر.

وقد قدم بنك ليمان التماسا يحمل أكبر ملف إفلاس في التاريخ في أمريكا، حيث بلغ حجم الإفلاس أكثر من 600 مليار دولار أمريكي.

وهو ما أدى إلى أكبر انخفاض في مؤشر داو جونز الصناعي في يوم واحد بنسبة 4.5%، وهو أكبر انخفاض منذ هجمات 2001.

كما أدى ذلك الانخفاض إلى:

  • زعزعة النظام المالي بسبب عدم الثقة بالحكومة وقدرتها على إدارة الأزمة.

  • شهدت صناديق الاستثمار حركات بيع مكثفة وسحب للأموال للحد من الخسائر، وهنا بدأت الأمور تأخذ مسارا تراجيديا آخرا.

حيث بدأت السحوبات الفردية بتهديد البنوك الواحدة تلو الآخر، وهو ما أدى إلى زعزعة 21 بنكا أمريكيا بالفعل.

إفلاس بنك ليمان براذرز – أكبر عملية إفلاس في التاريخ الحديث

إفلاس بنك ليمان براذرز – البداية

كان هذا البنك من أوائل العاملين في مجال الرهن العقاري وتحديدا عام 1997، ثم تضخمت أعماله في هذا المجال عام 2000.

حيث اشترى البنكُ الكثير من شركات الرهن العقاري الرائدة لتوسيع قدرته على إنشاء الرهن العقاري.

ومع مرور الوقت أصبح ليمان من أبرز القوى في سوق الرهن العقاري، وبحجم قروض تجاوز 18.2 مليار دولار عام 2003.

ثم وسرعان ما تضاعف هذا الرقم ليتخطى حاجز الأربعين مليار دولار عام 2004.

وعلى الرغم من أن هذا البنك يتخذ صفة استثمارية إلا أنه كان صندوق تحوط عقاري بقيمة أصول تخطت 680 مليار دولار.

المصيبة تكمن في أن هذه الأصول لم تكن مدعومة سوى برأسمال ثابت يبلغ 22.5 مليار دولار.

كما أضاف البنك مشكلة كبيرة في نوع الأصول والرهونات المحفوفة بالمخاطر، والتي اعتبرت أنها أكبر بثلاثين مرة من رأس المال.

وبعبارة أخرى فإن انخفاض 35% من قيمة الأصول العقارية كانت كفيلة بمحو رأس مال البنك.

إفلاس بنك ليمان براذرز - الطمع والفساد عنوان القضية
إفلاس بنك ليمان براذرز – الطمع والفساد عنوان القضية

هل توقف البنك عند هذا الحد المجنون من الأصول الخطرة؟

الإجابة المختصرة هي كلا، لم يتوقف البنك عند ذلك القدر الكبير من المؤشرات المالية الخطرة.

حيث قام بالاستدانة بشكل كبير خلال السنوات التي سبقت عام 2008، أو ما عرف بعملة الرافعة المالية غير المحسوبة.

ولتبسيط هذه النسبة،

فإنه يكفي أن تعلم بأن نسبة الرافعة المالية والتي تعبر عن حجم الديون لدى ليمان براذرز كانت قد ارتفعت من 24 ضعف عام 2003 إلى 31 ضعف عام 2007.

شرارة أزمة الرهن العقاري!!

يطول شرح هذه الأزمة، وللاختصار فإن الشرارة بدأت قبل أعوام من الأزمة على خلفية رفع الحكومة الأمريكية للفوائد لتحفيز الاقتصاد بعد فقاعة الدوت كوم.

وهو ما أدى إلى استمرار ارتفاع الفوائد على القروض العقارية على وجه التحديد، وما نتج عنه:

  • إحجام أو عدم القدرة على السداد.

  • إفساح المجال أمام تعثر القروض.

وهو ما كان كفيلا بإنطلاق ما عرف بازمة الرهن العقاري التي أدت إلى حدوث الأزمة المالية العالمية عام 2008.

حيث تسببت الظروف السيئة التي عاشها سوق الرهن العقاري عام 2007 إلى قيام ليمان بإغلاق أحد شركاته العقارية المختصة.

ثم وسرعان ما أعلن البنك عن خسائر غير معهودة وصادمة، وذلك بسبب ما يحمله من أصول ومراكز عالية المخاطر في الرهون العقارية.

حيث أعلن البنك عن خسائر بقيمة 2.8مليار دولار، ثم خسر سهمه 73% في النصف الأول من عام 2008.

وفي نفس العام قام بنك كوريا للتنمية بالإعلان عن نيته شراء البنك، ولكن البنك الكوري أعلن عن مشاكل في عمليات الشراء.

فانخفضت أسهم البنك مرة أخرى، الأمر الذي أدى إلى تأكل سهم البنك بشكل كبير، خاصة وأن الحكومة لم تعلن عن خطط لمساعدة هذا البنك.

كما استمر البنك في الإعلان عن خسائره التي اقتربت من 4 مليار دولار نهاية 2008.

أشهر صورة معبرة عن إفلاس البنك

ماذا حدث مع البنك لاحقا؟

قام المسؤولين في الاحتياطي الأمريكي بالتدخل لمساعدة البنك بعد مماطلة وعدم انتباه منهم لمشاكل هذا البنك.

كما أعلنت مجموعة من البنوك عن نيتها شراء ليمان، كان من أبرزهم بنك أوف أمريكا وبنك باركليز.


اطلع على تاريخ الصرافات الآلية والتي أطلق شرارتها بنك باركيلز في لندن من خلال الضغط هنا.


وقد تمزق هذا البنك بين بنوك أقدمت على شراء أعماله، فاستحوذ باركليز على الأعمال المصرفية الاستثمارية لبنك ليمان براذرز في سبتمبر 2008.

بينما حصلت مجموعة بنك نومورا اليابانية على امتياز ليمان في آسيا والمحيط الهادئ بما في ذلك اليابان وهونغ كونغ وأستراليا لتتوسع بعد ذلك إلى أوروبا.

وحتى الآن فإن ملف إفلاس هذا البنك يعتبر الأكبر في تاريخ البنوك في أمريكا، وقد كشفت التحقيقات عن كثير من المصائب الداخلية في هذا البنك.

حيث الرواتب العالية التي تخطت حاجز 300 مليون دولار لأحد المدراء على مدار السنوات الثلاثة.

كما اتضحت الكثير من عمليات التلاعب المحاسبية كما ظهرت في تحقيقات عام 2010.

بينما كشفت التقارير الأخرى مدى التلاعب الذي قام به البنك على مدار عقد كامل من خلال امتلاكه لشركات صغيرة مختلفة.

بل إن التحقيقات الأخيرة أشارت بأن المدراء وأعضاء مجلس الإدارة كانوا على دراية باقتراب الأزمات، ولكنهم غضوا الطرف عنها لمصالح شخصية.

وقد أدت أحداث هذا البنك الدرامية إلى تغيير الكثير من قواعد الاقتصاد التي تحكم العملية المالية والنقدية حول العالم وخاصة في داخل أروقة الوول ستريت.

بينما يشير البعض إلى أن هذه الحادثة تسببت في آثار اقتصادية كارثية ما زالت ماثلة حتى يومنا هذا.

مشهد من تسريح الموظفين من البنك والذين وصل عددهم بالآلاف

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية