ما الذي يحدث لدى اقتصاد الصين اليوم ومن هو المنافس الآسيوي القادم من بعيد

يواجه اقتصاد الصين اليوم واحدا من أعقد المشاكل وتحديدا بالنسبة للشركات التي تعمل في ارضه، فيما يتم الحديث أيضا عن منافس آسيوي لافت بأرقامه وبياناته، وهو المنافس الفيتنامي، وفي مقالنا الحالي سنشير إلى حقيقة امكانية زعزعة اقتصاد الصين من عدمها، إلى جانب تحليل موقف فيتنام كمنافس محتمل.


ما تزال الصين تمتلك بطاقات أساسية في معادلة سلاسل التوريد العالمية، حتى وهي تعيش اليوم في ظل سياسات مواجهة الفايروس.

إلا أن اقتصاد الصين اليوم بدأ يتعرض لهزات ملحوظة، دفعت العديد من الأطراف إلى إحياء مناقشة نقل الأعمال من الصين إلى الخارج.

وقد كانت هذه النقاشات قيد الدراسة لسنوات، بسبب ارتفاع تكاليف العمالة في الصين، وتفاقم التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

إلا أن الوباء أعاد إشعال فتيل هذه النقاشات، ليبدأ كبار مدراء الشركات الحديث عن السفر لمصانع أخرى في جنوب شرق آسيا.

حيث أشار البعض إلى ارتفاع الصادرات من فيتنام كمؤشر على أن سلاسل التوريد تغادر الصين.

وقد قال نيك مارو رئيس التجارة العالمية:

“يعد تنويع سلسلة التوريد أمرا صعبا للغاية على صعيد التنفيذ رغم كل محبة الجميع للقيامه به”.

كما يؤكد مارو على مسألة تطور البنية التحتية لدى الصين قائلا:

“إن الشركات التي تناقش مسألة التخارج من الصين، تجد أن البنية التحتية والتكنولوجية لدى الدول الآسيوية الأخرى مثل ماليزيا وفيتنام ما زالت أقل مستوى من الصين”.

لماذا تتمسك الصين بسياسة صفر إصابات؟

تحاول الصين التشبث بسياسة صفر إصابات، لأنها كانت السياسة التي مكّنتها من أن تكون الدولة الوحيدة الناجية من شبح كورونا مقارنة بباقي دول العالم على مدى العامين الماضيين.

فيما يجادل البعض أن ما تقوم به الصين سياسة ممنهجة لتمرير ولاية جديدة للرئيس الحالي.

وهو ما يمكن أن يكون سببا من أسباب تغاضي الصين عن الوضع الاقتصادي وليس الصحي.

ماذا بشأن فيتنام كمنافس قادم من بعيد للصين؟

أما على صعيد فيتنام كدولة منافسة للصين، فيرى الكثيرون أنه لا بد من أن يؤخذ الاقتصاد الفيتنامي بصورته الحقيقية بالأرقام وليس بالنسب.


يبلغ حجم الاقتصاد الفيتنامي تقريبا 300 مليار دولار حاليا، وهو بالمركز 45 عالميا.


أولا. ارتفاع صادرات فيتنام مقابل انخفاض صادرات الصين، ولكن!

ارتفعت صادرات فيتنام بنسبة 30.4% مقابل انخفاض صادرات الصين بنسبة 3.9% في ابريل الماضي.

إلا أن صادرات فيتنام لم تتعدى 33.26 مليار دولار مقابل 273.62 مليار للصين، وذلك وفقا لفيشروت رانا الاقتصادي المقيم في سنغافورة.

بمعنى أن صادرات فيتنام لم تشكل سوى ثمن الصادرات العالمية للصين، وذلك أيضا وفقا لشركة ويند الاستثمارية.

كما قال رانا:

“لا تزال الصين في قلب شبكة الالكترونيات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ”.

ثانيا. الاستثمار الأجنبي في الصين ارتفع بشكل ملحوظ بينما في فيتنام:

أما على صعيد الاستثمار الاجنبي في الصين مقابل الاستثمار في فيتنام، فإن المسألة لا تقارن ابدا.

حيث ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بنسبة 26.1% على أساس سنوي بقيمة 74.47 مليار دولار.

فيما انخفض الاستثمار في فيتنام على اساس سنوي بنسبة 56% ليصل إلى 3.7 مليار دولار عن نفس فترة المقارنة.

بل إنه وإذا دققنا في أرقام الاستثمارات، فإننا سنلحظ ارتفاع الاستثمار في الصين من ألمانيا بنسبة 80.4%، ومن أمريكا بنسبة 53.2%.

في النتيجة؛

فإن اقتصاد الصين اليوم يواجه تحديا كبيرا، وضرورة للقيام بتوازن شديد الحساسية، بين الحماية الصحية، واستمرار الحلم بالهيمنة الاقتصادية.

كما وأنه وعلى صعيد سياسي، قد يتم تفسير ما يحدث في الصين الآن، هو حالة من عدم الانتباه إلى الحالة الاقتصادية لصالح الحالية السياسية.

حيث يتجه الرئيس الصيني اليوم إلى معركة الانتخابات لولاية ثالثة، وهي معركة شبه محسومة نوعا ما.

وبغض النظر عن اسباب تغاضي الصين عن واقعها الاقتصادي والذي قد يواصل تراجعه، فإن هيمنة سلسلة التوريد الصينية التي تراكمت على مر السنين، فإنها ما زالت تدعم نماذج الأعمال الجديدة.

فيما يقول المحللون أن ميزة سلاسل التوريد في الصين لا تعتمد على عنصر تكلفة العمالة فقط.

حيث تتمثل ميزة الصين في الاستفادة من وجود محاور سلسلة التوريد التي تمهد الطريق لتعزيز كفاءة الشركات لديها.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية