اقتصاد روسيا : حجم وثروات هائلة، لماذا لا تعتبر روسيا من العشرة الكبار اقتصاديا؟

على الرغم من حجم مساحتها الأكبر عالميا، وعدد المتعلمين فيها، واعتبارها ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، إلا انها تحتل المركز الثاني عشر على قائمة الدول من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وفيما يلي سنتناول معلومات غريبة عن اقتصاد روسيا بعدما تناولنا سابقا اقتصاد أوكرانيا، وهي الطرف الثاني من معادلة الصراع الحالي.

تبلغ مساحة روسيا أكثر من ضعف مساحة الولايات الأمريكية؛ حيث تصل مساحتها 17.13 مليون كم مربع.

كما تمتلك روسيا أكبر عدد متعلم من السكان لمثل هذ المساحة مقارنة بدول تشبهها في المساحة والثروات الطبيعية.

بينما تعتبر روسيا المنتج العالمي الثاني بعد أمريكا من حيث الغاز الطبيعي بحجم يقدر ب22.7 مليار متر مكعب سنويا.

فيما ينافس إنتاج النفط الروسي إنتاج الغاز الطبيعي فيها، لتعتبر ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بعد الولايات المتحدة والسعودية عام 2020.

ولتستحوذ بذلك روسيا على 11٪ من إجمالي إنتاج النفط العالمي.

إلا أن هذه المعطيات لم تمكن روسيا من أن تكون واحدة من الدول العشرة الأكبر من حيث الناتج المحلي الإجمالي.

ولتفسير هذه المعضلة، فإنه لابد من الرجوع في الزمن إلى الوراء بعض الشيء، وتحديدا منذ تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991.

حيث كان أداء روسيا الأفضل مقارنة بالجمهوريات الأربع عشرة الأخرى الأصغر التي كانت ضمن الاتحاد السوفييتي.

وعلى الرغم من اعتبار روسيا دولة محتكمة إلى قواعد السوق، أو ما يسمى باقتصاد السوق، بعد تخليها عن شيوعية الاتحاد السوفيتي فيما يتعلق بالاقتصاد، إلا أن القادة الروس لم يسمحو للشركات الخاصة والمستقلة من التحكم بقطاع الطاقة، باعتباره القطاع المهيمن في الاقتصاد الروسي.

حيث يخضع قطاع الطاقة والغاز الطبيعي والكهرباء وغيرها لسيطرة الحكومة الروسية.

فعلى سبيل المثال ، تمتلك الحكومة الروسية أكثر بقليل من نصف شركة غازبروم، أكبر مستخرج للغاز الطبيعي في العالم.

وهذا الأمر أدى إلى تثبيت حكم طبقة الأوليغارشية (حكم الأقلية) في البلاد.

فعلى سبيل المثال تعود ملكية Inter RAO مزود الكهرباء الرئيسي في البلاد ، من قبل مجموعة من الشركات المملوكة للدولة.

حيث أن مبدأ استخراج الطاقة الخام، وإتاحتها للمؤسسات الخاصة، التي تسير لدى أمريكا، لا يعتبر شائعا في روسيا.

إذن فالاقتصاد بشكل فعلي مملوك للحكومة الروسية، ويشبه في ذلك ما يجري في الصين.

فيمكن ملاحظة أن حزب الأغلبية الروسي الذي أسسه الرئيس فلادمير بوتين، يتحكم في مختلف مفاصل الدولة.

ولا يعتبر ذلك استبدادا بالمعنى التقليدي، حيث يسعى هذا الحزب ومنذ بداية تأسيسه إلى إعادة روسيا إلى مكانتها القديمة.

حيث تشير الوثيقة الرسمية للحزب، إلى أن واحدا من المهام الرئيسية للحزب هو القضاء على التخلف الاقتصادي، وهو ما يشار إليه بـمصطلح إذهب لروسيا.

ولكن سعي روسيا لاستعادة مكانتها، دفعها إلى الدخول في العديد من الغزوات، مثلما حدث في جورجيا عام 2008، وأوكرانيا منذ عام 2014.

وقد أدت هذه الغزوات إلى فرض العديد من العقوبات الاقتصادية، وتحديدا بعد عام 2014.

كما دفعت هذه العقوبات والتوترات الجيوسياسية إلى إضعاف طلب المستثمرين على الاستثمارات الروسية.

لتتسبب هذه العوامل ، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم والانخفاض الحاد في أسعار النفط في أواخر عام 2014، في انكماش الاقتصاد الروسي بنسبة 3.7٪ بنهاية عام 2015.

كما ويمكن تفسير انخفاض حجم الاقتصاد الروسي، بهيكلية اقتصادها نفسه وقطاعاته.

حيث لا يستطيع الاقتصاد المعتمد على قطاع معين، على التكيف مع التغييرات والمستجدات.

وهو ما يمكن ملاحظته بوضوح كبير بعد الأزمة الصحية عام 2020، حيث انخفض الطلب على النفط والغاز.

بينما تضرر التصنيع الروسي بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، حيث بلغ الانخفاض في التصنيع لأكبر مستوى منذ عقد كامل.


تم الاعتماد في كتابة هذه المقالة بشكل رئيسي على المواقع التالية:

موقع انفستوبيديا.

worldpopulationreview

موقع worldometers

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية