البنك المركزي الياباني يهز الأسواق والشكوك والمخاوف بدأت تخرج إلى العلن

بلومبيرغ: لقد انصدمت الاسواق العالمية بخطوة البنك المركزي الياباني الذي قام بتعديل سياسته في خطوة تنذر بأن الفوائد على الين سترتفع من النطاق السالب الحالي، وأنها في طريقها نحو الارتفاع لأول مرة للمستويات الموجبة منذ أكثر من 14 عاما.

وكنتيجة وقبل الدخول في التفاصيل،

فإن خطوة البنك المركزي الياباني تعد خطوة مفاجأة ومهمة وخطيرة لكل المتعاملين بأسواق النقد والأصول الثابتة.

وذلك لما يمثله الاقتصاد الياباني بما فيها من شركات ومستثمرين أفراد بالنسبة للاقتصاد العالمي، ولما يمثل الين من أهمية باعتباره ملاذا آمنا.

بل إنه قد يمثل خطرا بالنسبة للأسواق بشكل عام إذا فكرت البنوك المركزي العالمية باجراءات مفاجئة مشابهة.

وهذا ما يدعو إلى أن يتم التعامل مع اسواق العملات بحذر شديد، وإجراءات أكثر تأنيا وتنويعا في المحافظ.

خاصة وان الشكوك بدأت تحوم حول رجاحة قرار المركزي الياباني، وقدرته على الاستمرار بما أشار إليه من تشديد في سياسته النقدية.

فيما يتم الحديث عن أن خطوة مفاجأة من اليابان قد ترسل إشارات سلبية قد تدفع إلى زيادة الشكوك في الوضع الاقتصادي العالمي.

وبالتالي، وفي حالة العودة إلى الشكوك الاقتصادية بشكل عام، فإن الاندفاع نحو الدولار بصفته ملاذا آمنا سيعاود الارتفاع.

التفاصيل:

كشف البنك المركزي الياباني عن قراره بتعديل سقف العائد ‏على السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات بهدف تحسين أداء السوق.‏

وتعهد البنك بالسماح لعائد السندات العشرية بالتحرك إلى 0.5% بدلا من الحد ‏الأقصى السابق عند 0.25%.

مضيفا أنه سوف يعزز نطاق مشترياته الشهرية من ‏السندات الحكومية إلى 9 تريليونات ين (67.5 مليار دولار) من 7.3 تريليون ين ‏سابقاً.‏

وقد رأت الأسواق أن هذه الخطوة ستكون تمهيدا لأن يقوم المركزي برفع الفوائد على الين لمكافحة التضخم الذي تحدث عنه محافظ المركزي الياباني، رغم أنه نفى نيته في رفع الفوائد.

إلا أن هذه القرارات الصادمة من قبل البنك المركزي الياباني ورئيسه الذي قدم استقالته في ابريل، أصبحت مثار شكوك في مصداقيتها وتأثيراتها.

حيث وصفه العديد من الاقتصاديين البارزين بأنه ضربة لمصداقية بنك اليابان وسارع التجار لاختبار الخط الأحمر الجديد للبنك المركزي بشأن عائدات السندات.

ويقول مراقبو بنك اليابان ، بما في ذلك شينشيرو كوباياشي من شركة Mitsubishi UFJ Research & Consulting:

“إن محافظ المركزي أخطأ عندما بدا وكأنه يتراجع عن إرشادات السياسة الأخيرة دون سابق إنذار وبشكل مفاجئ”.

ويراهن متداولو المقايضات بالفعل على أن بنك اليابان سيضطر للتخلي عن سقف عائده الجديد على السندات ذات العشر سنوات، مما يشير إلى إمكانية تحقيق معدل 0.8% في أي وقت.

وقد تؤدي هذه الشكوك تجاه البنك الياباني بتعقيد جهود المركزي الياباني ورئيسه وخليفته القادم.

وهوما سيؤدي إلى التأثير سلبا على الأسواق العالمية، وذلك أن الشركات والأفراد اليابانيين هم من كبار المشترين للأصول الخارجية.

كما أن التأثيرا ستكون بسبب أن الين الياباني هو عملة تمويل عالمية مهمة.

حيث قال كوباياشي:

“لن يصدق أحد ما يقوله الحاكم كورودا بعد الآن”.

وأضاف قائلا:

“هذه خسارة كبيرة لبنك اليابان.”

بينما قال بعض الاقتصاديين:

“إن البنك المركزي قد يحتاج إلى إلغاء التحكم في منحنى العائد كخطوة تالية لتجنب تقلبات السوق المتكررة لأنه يرسم مسارًا نحو تشديد السياسة”.

إلا أن محافظ المركزي الياباني دافع عن هذه الخطوة في إحاطته يوم الثلاثاء.

حيث قال:

“هناك بعض الناس يقولون إنهم شعروا بخيانة عميقة”.

وأضاف قائلا:

“لكننا ننفذ السياسة النقدية لتحقيق هدف استقرار الأسعار في أقرب وقت ممكن، من خلال مراعاة الأسواق المالية والاقتصاد والتضخم”.

وقد تسبب قرار بنك اليابان غير المتوقع في صدمة الاقتصاديين والمستثمرين، مما أدى إلى ارتفاع الين مقابل الدولار جنبًا إلى جنب مع عائدات السندات في جميع أنحاء العالم ، بينما اتجهت الأسهم في الاتجاه المعاكس.

حيث ارتفعت عائدات السندات الحكومية اليابانية لمدة عامين إلى المنطقة الإيجابية للمرة الأولى منذ 2015 يوم الأربعاء جزئيًا.

وذلك بعدما بدأ التجار في تسعير رفع الفوائد رغم تصريحات رئيس المركزي الياباني بأن رفع الفوائد ليس قيد الدراسة حتى.

ولا تعد هذه الخطوة الأولى من نوعها من قبل البنك المركزي الياباني ممثلا برئيسه الحالي.

حيث جاء قرار كورودا بتقديم معدلات سلبية في يناير 2016 بعد أيام فقط من قوله في البرلمان إنه لا يفكر في مثل هذه الخطوة.

وكشف رد الفعل على قرار يوم الثلاثاء عن الجانب السلبي لتحركات المركزي الياباني، نظرا للتخبطات الكثيرة التي أحدثها هذا القرار في الاسواق.

وقد تحدث المحللون عن أن المركزي الياباني قد أدخل نفسه في مشكلة كبيرة حول الشكوك في قراراته مستقبلا.

بل إن خطوة المركزي الياباني قد تفتح باب خطر مماثل لدى العديد من البنوك، والتي قد اختار بعضها أحيانا بعض الخطوات المفاجئة الشاملة.

حيث تخلى البنك الوطني السويسري عن سقفه للفرنك السويسري في يناير 2015 دون سابق إنذار.

وهي الخطوة التي أرسلت موجات صادمة عبر الأسواق المالية ، وألحقت خسائر بالبنوك وقضت على بعض تجار العملات.

كانت الملاحظات البحثية التي كتبها مراقبو بنك اليابان بعد القرار مليئة بإحساس بالصدمة.

حيث لم يتوقع أي من الاقتصاديين الـ 47 الذين شملهم الاستطلاع قبل الاجتماع توسيع النطاق إلى 0.5 نقطة مئوية على جانبي الصفر.

وقد قال رانيل سالغادو ، مسؤول صندوق النقد الدولي المعني باليابان:

“إن تحرك بنك اليابان كان منطقيًا نظرًا للمخاوف بشأن كيفية عمل السوق”.

لكن سالغادور ألمح أيضًا إلى أن الرسائل لم تكن مثالية.

وقال:

“يجب أن يخرج المركزي الياباني بتصريحات صريحات وخطوات ممنهجة وواضحة لتخفيف الاضطرابات من قبل الاسواق تجاه ما سيقوم به البنك الياباني”.

وقد توقع مارك داودينج ، كبير مسؤولي الاستثمار في BlueBay Asset Management ، الذي استفاد من التعديل، قال:

“أتوقع أن يرفع بنك اليابان سقف عوائده إلى 75 نقطة أساس بنهاية مارس مع استمرار العوائد”.

كما يرى أن هناك المزيد من الفوائد القادمة من قبل المركزي الياباني في المستقبل.

إلا أنه أكد على أن ما يقوم به المركزي الياباني سيؤدي إلى الحلاق الضرر بالانشطة الاقتصادية.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية