كيف ستكون البنوك في العام 2030؟

شئتَ أم أبيتَ فإن العالم في تغيرٍ صارخ، ومتسارع، نحو الانتقال من فكرة تبني التكنولوجيا، إلى الانتقال إليها بشكل عملي وتام في أعمالنا، وحياتنا الشخصية، ويعتبر قطاع البنوك واحدا من أكثر القطاعات تأثرا في هذه الموجة التكنولوجية العاتية، فكيف ستكون البنوك في العام 2030؟

سأقوم فيما يلي بوضع تصور شبه شامل لشكل البنوك في العام 2030، بناء على استقراء لتقارير ثلاث شركات ضخمة، وهي: شركة deloitte لتدقيق الحسابات والاستشارات، وشركة hp الرائدة في مجال الحواسيب، وشركة KPMG لتدقيق الحسابات وإدارة الضرائب والاستشارات.

البنوك في العام 2030
البنوك في العام 2030

كيف ستكون البنوك في العام 2030 وفقا لشركة deloitte؟

تؤكد شركة deloitte على أن البنوك ستحتاج إلى تبني التكنولوجيا فائقة الذكاء للبقاء، وتحقيق الأرباح؛ حيث ستساعد هذه التكنولوجيا البنوك على امتلاك صفة المرونة، والقابلية لاعتماد أي نموذج أعمال متطور، وحديث، وفق متطلبات العملاء المتغيرة بشكل متسارع.

وتشير الشركة إلى أن مستقبل الخدمات المصرفية سيختلف شكلها عما نشاهده اليوم، وذلك تبعا لتغير طبيعة المستخدم أو العميل المستقبلي في العام 2030 عن الطبيعة في وقتنا الحالي، والتقنيات التي ستتغير بشكل كبير، وهو ما سيوجب على البنوك البدء في بناء استراتيجيات جديدة توائم الفترة الممتدة بين العام 2021-2030.   

كما ستواجه البنوك الكثير من الأعباء والمتطلبات الجديدة، بناء على تطور التكنولوجيا بشكل متسارع، ومنها:

  1. التعامل مع الجرائم السيبرانية وجرائم الاحتيال المالي باستخدام الذكاء الاصطناعي.

  2. تحليل البيانات الخاصة بالعملاء بشكل أكثر نزاهة واحترافية وسرعة.

  3. التعامل مع البيانات المصرفية بالشكل الرقمي.

  4. إنشاء البنوك الرقمية ذات الجودة العالية لتحقيق مبدأ رفاهية العملاء

  5.   تبني الآليات المتسارعة في تبني المعطيات الحديثة.

  6. مواجهة تحديات سوق العمل المتمثلة برفض إحلال التكنولوجيا مكان الإنسان، تخوفا من فقد الأعمال البشرية.

  7. مواجهة الانفتاح العالمي على القوانين والشراكات الدولية، وغيرها من الأمور التي لن تعود أمورا اختيارية.

البنوك الرقمية
البنوك الرقمية هي أول ما ستكون عليه البنوك في العام 2030

كيف ستكون البنوك في العام 2030 وفقا لشركة KPMG؟

تتوقع شركة KPMG وفقا لتقاريرها، والتي أعادت شركة hp تحليلها، إلى أن البنوك لن تصبح الحارس الأمين على أموالنا فحسب، بل ستصبح حارسا موثوقا على بياناتنا الشخصية أيضا، وذلك حينما ستكسب البنوك الكثير من دخلها، من خلال تبني التكنولوجيا فائقة الذكاء، والتي ستتكفل بتحليل المعاملات المصرفية بناء على كم هائل من المعلومات الشخصية التي ستمتلكها عن العملاء

إن امتلاك البنوك في الأعوام القادمة لبياناتنا الشخصية، سيمكّنها من إدارتها بشكل مماثل لإدارة الاصول المالية الخاصة بالعملاء، وذلك حينما تقوم بالتصرف بأموال المودعين بالشكل الذي يحقق أرباحها فيما بعد.

كما أن هذا الأمر سيمكّن العميل أيضا من مشاركة البنوك في الأرباح؛ وذلك حينما سيصبح شريكا في استخدام بياناته الشخصية بطريقة أو بأخرى، وهو أمر ليس مستبعدا، وخاصة في حالة تبني العملاء جميعهم لآليات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أيضا.

التحديات الكبيرة والضخمة:

لا تستغرب كثيرا، إذا ما سمعت وقرأت لوائح تنظيمية معقدة في المستقبل، وذلك لتنظيم أمور حماية البيانات، وإجراءات الحماية من جرائم غسل الأموال، إلى جانب التعليمات الخاصة باستخدام تقنيات الاتصالات فائقة السرعة والذكاء، وصولا للحديث عن تبني البنوك لأجهزة وتقنيات معتمدة على تقنية انترنت الأشياء، والمدفوعات الالكترونية المبنية على مبدأ Blockchain.

إن هذه التحديات مثالٌ ليس إلا، ولك أن تتخيل كمية الضغط التي سيتعرض لها القائمون على البنوك، في التعامل مع هذه اللوائح فقط، ناهيك عن غيرها من التحديات.

البنوك في العام 2030 قادمون جدد
البنوك في العام 2030 قادمون جدد

من هو القادم الكبير في عالم البنوك المستقبلية؟

لا تستغرب حينما نتحدث عن عالم مختلف من البنوك، حيث نتحدث عن عالمٍ قائمٍ على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وإدارة البيانات، وهنا فإنني أشير إلى عدم التعجب، إذا ما وجدت شركات غير مصرفية، وقد أصبحت في مصافي كبار المؤسسات المصرفية، واتحدث عن شركات مثل Apple وشركة amazon وغيرها من الشركات التقنية الكبيرة.

أيضا لا تستغرب من أن تصبح منصة facebook بمثابة أكبر بنك في العالم، وذلك لأنها تمتلك بالفعل بيانات أكثر من نصف البشر على الكرة الأرضية، وما سيساعدها على ذلك فعليا، هو الموافقة الرسمية على إطلاق عملتها، وعودة الشركات المنسحبة من مشروع عملتها، وهو الأمر الذي سيسهل من عملية اعتبار هذه المنصة الاجتماعية بنكا رسميا على الصعيد الشعبي.

لن أطيل الحديث عن شكل البنوك الذي سيختلف شئنا أم أبينا! بل سأشير إلى أن فايروس كورونا تكفل بالقضاء على التحدي المتمثل في عدم القبول العام للتكنولوجيا، وها نحن في تسارع كبير نحو استخدام التكنولوجيا ودخول عالم الذكاء الاصطناعي، والذي سيتكفل هو أيضا بمحو بنوكٍ من على وجه الأرض، أو سيكون كفيلا بظهور هياكل مصرفية عملاقة بشكل لم نشهده أبدا.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية