لماذا تحطم الحكومة الصينية الشركات الصينية التكنولوجية : ثلاثة أسباب مثيرة جدا

تعيش الأسواق المالية العالمية وتحديدا الأسواق الآسيوية في أوقات عصيبة على صعيد أسهم الشركات التكنولوجية الصينية، على خلفية هجوم الحكومة الصينية على شركات الصينية التكنولوجية ، وفي مقالتنا الحالية، سنحاول تفسير هذا الهجوم الكاسح للحكومة على شركاتها؟


لقد قدمت الصينُ العامَ الماضي نظرتها الصارمة تجاه أي شيء يتعارض مع مصالحها، خاصة بعدما علّقّت الحكومة الاكتتاب العام لشركة انت جروب الذراع المالي لشركة علي بابا والتي يديرها “جاك ما”.

حيث أرجعت الحكومة هذه الحركة إلى حجة السلامة المالية، على الرغم من أن السبب الرئيسي كان قد تعلق بمشاكل “جاك ما” مع الحكومة.

كما أكدت الحكومة على نظرتها الصارمة بعد استدعاء “جاك ما” نفسه واختفائه، قبل أن يتم تغريم شركته بمليارات الدولارات لمكافحة الاحتكار.

بينما تطارد الحكومة الآن شركات التكنولوجيا المالية الأخرى، بما في ذلك:

  • شركة Didi (أوبر الصينية) .

  • Tencent (أكبر شركة وسائط اجتماعية في الصين).

حيث أعلن المنظمون الصينيون أنهم يراجعون شركة ديدي -التي كانت تستعد للاكتتاب في بورصة أمريكا- لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

كما شرعت الحكومة الصينية بحملة مكافحة الاحتكار وفرض الغرامات على شركتي Tencent و Baidu وهما شركتا إنترنت صينيتان كبريتان.

وقد تم استدعاء قادة شركات التكنولوجيا الكبرى (ByteDance الشركة التي تمتلك TikTok) للمثول أمام المنظمين.

حيث يفترض المراقبون بأن يتم توبيخ قادة الشركات بشكل كبير، إلى جانب فرض عمليات تصحيح كبيرة.

لماذا تحطم الحكومة الصينية الشركات الصينية التكنولوجية ؟؟

إن عملية فهم طبيعة العلاقة بين الحكومة الصينية وشركاتها، تكاد تبدو صعبة ومعقدة، وتجعل وضع أسباب واضحة وقاطعة على وجه الدقة لهذا الهجوم أمرا صعبا.

إلا أن هناك بعض الأسباب المتوقعة التي يوردها بعض المراقبين، وأهمها:

السبب الأول. تطبيق الحملة العالمية لمكافحة الاحتكار ضد الشركات التكنولوجيا: 

يرجح المراقبون أن القيام بهذا الهجوم يعود لحملة مكافحة الاحتكار التي تقوم بها كبريات الدول، مثل أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي.

ولكن الوضع يختلف لدى الحكومة الصينية؛ حيث تريد الحكومة منع ظهور مراكز قوة بديلة، وكبح القوة السياسية لأي شركة تكنولوجية وغيرها.

ويمكن ملاحظة الفرق بين ما قامت به أمريكا وما تقوم به الصين من خلال الآلية المطبقة لمكافحة الاحتكار.

حيث لم تقم أمريكا بفرض الغرامات وسحق الشركات حينما قامت باستدعاء قادة كبريات الشركات التكنولوجية لديها.

بينما نجد وضعها مغايرا لدى الجانب الصيني؛ حيث قامت بفرض الغرامات وسن الشروط الصارمة والعقوبات والاستدعاء لقادة شركاتها التكنولوجية.

السبب الثاني. رغبة الحكومة الصينية في السيطرة على قطاع التكنولوجية والتقنية:

يمكن ملاحظة عدم قيام الصين بإتخاذ الإجراءات الصارمة ضد جميع شركاتها التكنولوجية، فشركة هواوي ما زالت تتمتع بدعم حكومي كامل.

بينما يمكن تكذيب أو تفنيد رأي من يجد في هجوم الصين على شركاتها التكنولوجية، تراجعا صينيا في الاهتمام بالتقنيات والتكنولوجيا.

حيث قامت الصين برصد تريليونات من الدولارات لإنفاقها على صناعات أشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي.

بل يمكننا الحديث عن أن الصين تقوم بتدمير شركات التكنولوجيا ذات العلاقة المباشرة مع العميل أو المستهلك، والتي يمكن أن تكوّن ثغرة الكترونية غير مرغوبة.

خاصة وأن شركات التكنولوجيا ذات العلاقة المباشرة مع العميل هو أمر تحترفه أمريكا وحكومتها بشكل اكبر مما تحترفه الصين.

وهذا الاحتراف والخبرة الطويلة لدى الجانب الأمريكي، يشكل قلقا لا ترغب فيه الحكومة الصينية في الوقت الحالي.

السبب الثالث. اهتمام الحكومة الصينية بقطاع الانتاج بشكل مباشر:

أما عن السبب الثالث -وهو أهم الأسباب من وجهة نظر صفحة كواليس المال- فيتعلق باهتمام الحكومة الصينية بالأرباح المتعلقة بالإنتاجية.

حيث ترى الحكومة الصينية بأن كبار شركات التكنولوجيا الصينية تقوم بتحقيق الأرباح المرتبطة بأمور خدماتية ولوجستية أكثر من كونها أرباحا متعلقة بالعملية الإنتاجية بشكل مركز.

بعبارة أخرى، يبدو أن الحملة على صناعة الإنترنت وشركات التكنولوجيا في الصين تقع ضمن السياسة الصناعية الوطنية التي تخدم رؤية الصين 2025 ورؤيتها للعام  2050.

هذه كانت أسباب ثلاثة رئيسية لفهم وتفسير هجوم الحكومة الصينية على شركاتها التكنولوجية الخاصة.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية