الصين تتفوق على أمريكا : ما هو الأمر الذي تفتقر إليه أمريكا في صراعها مع الصين

لقد باتت قصة أن الصين تتفوق على أمريكا أمرا يتضح بشكل أكبر مع مرور الأيام، وذلك بعدما ارتفعت الأصوات الأمريكية المؤكدة على افتقار الجانب الأمريكي للاستراتيجية الواضحة في التجارة الدولية.

حيث ترتفع حساسية الأحزاب الأمريكية تجاه الجانب الصيني، وذلك بالتزامن مع تكثيف الرئيس الصيني من جهوده للتفاوض بشأن اتفاقيات التجارة والاستثمار المتعددة الأطراف.

ويقول ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس “جورج دبليو بوش”:

“يؤمن الصينيون بأهمية التحالفات، ويعتقدون أن الارتباط في الوقت الحالي في مصلحتهم”.

كما يؤكد هادلي بأن أمريكا يجب أن تتعامل مع هذه القناعة الصينية، لاستعادة نفوذها بشكل كامل.

ويقول هادلي:

“إن أهم عنصر مفقود في تغيير حسابات الصين، هو العمل على بناء استراتيجية واضحة فيما يتعلق بالتجارة الدولية”.

حيث يشير هادلي إلى مقومات هذه الاستراتيجية الأمريكية المأمولة، من خلال الأمور التالية:

  • حشد الحلفاء العالميين.

  • توفير الوظائف والنمو الأمريكي.

  • مواجهة الجهود الصينية المتصاعدة لتنظيم الاقتصاد العالمي حول نفسه.

أما عن المفارقة الحقيقية، فيشير المدير التنفيذي للمجلس الأطلسي للبحوث “فريدريك كيمبي” عبر CNBC، إلى الوصف السابق الذي أطلقته وزيرة الخارجية الأمريكية “مادلين أولبرايت”.

وذلك حينما وصفت أمريكا بأنها الدولة التي لا غنى عنها، وهو ما يعمل عليه الرئيس الصيني؛ حيث يعمل على وضع الصين كاقتصاد عالمي لا يمكن الاستغناء عنه أبدا.

وإذا تحدثنا عن وضعية الصين اليوم، فيقول فريدريك :

“يجب علينا الاعتراف بالأمور التالية:

  • في عام 2018 تعاملت 90 دولة في العالم مع الصين، وهو ضعف ما تعاملت به مع الولايات المتحدة بحلول عام 2019.

  • تجاوزت الصين الولايات المتحدة كأكبر متلقي عالمي للاستثمار الأجنبي المباشر.”

قال الرئيس الصيني “شي” هذا الأسبوع في منتدى بواو الآسيوي:

“في عصر العولمة الاقتصادية هذا، يعد الانفتاح والتكامل اتجاهًا تاريخيًا لا يمكن وقفه”.

كما أشار بأن العمل على تشييد الجدران حول الذات، يتعارض مع قانون الاقتصاد ومبادئ السوق.

وهي إشارة -مبطنة لغةً وواضحة معنىً- إلى أمريكا، خاصة حينما قال بأن الإضرار بمصالح الآخرين لن يعود بالفائدة على أحد.

كما يصف فريدريك بأن استمرار المواجهة الأمريكية بهذا الشكل، فيقول:

“هذا التعامل الأمريكي، يدفعنا لتخيل أمريكا تقوم بتوجيه ضربة عالمية للصين بذراع واحدة مقيدة خلف ظهرها.”

وقد كتب هانك بولسون جونيور، وزير الخزانة الأمريكي الأسبق، في صحيفة وول ستريت جورنال:

“إن الولايات المتحدة والصين منخرطتان في منافسة استراتيجية ستحدد شكل السياسة العالمية هذا القرن”.

كما أضاف:

“ولكن عندما يتعلق الأمر بالتجارة، وهو بُعد حاسم لتلك المنافسة، فإن أمريكا تتنازل عن هذا المجال.”

أما عن الرئيس الجديد “بايدن”، فقد قام بالاستفادة حتى الآن من حشد الأصوات المهمة الأمريكية لمواجهة التحدي الصيني.

حيث قام بحشد الأصدقاء والحلفاء الآسيويين والأوروبيين الذي يشاركونه مخاوفه من الصين.

أما عن ثمار هذه الجهود، فيمكن الحديث عن اجتماع بايدن بالرئيس الياباني وحديثهم عن ضمان السلام عبر مضيق تايوان من النفوذ الصيني.

فيما فرض الاتحاد الاوروبي الشهر الماضي عقوبات اقتصادية على الصين، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ المتمتعة بالحكم الذاتي.

الصين تتفوق على أمريكا من خلال الهدوء في التحالف “آسيويا وأوروبيا”:

أما الآن فإن الصين تقترب من الهيمنة الآسيوية، وذلك بعدما وقعت على الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة أو ما عرف باسم RCEP.

بينما أعربت مؤخرا عن اهتمامها بالانضمام إلى الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهاديء CPTPP.

وفي حال دخول الاتفاقية الأولى حيز التنفيذ، وتمكّن الصين من دخول الثانية، فإن لعبة التجارة الدولية في آسيا ستنتهي للصين حتما.

أما على الشأن الأوروبي فقد قامت الصين بتوقيع الاتفاقية الشاملة للاستثمارات مع الاتحاد الأوروبي CAI، (علما أن هذه الاتفاقية بسبب العقوبات المذكورة آنفا).

ولكن هذه الاتفاقية تدعو إلى دب الذعر لدى الجانب الأمريكي، وتعقيد الأمور بشكل أكبر عما مضى.

ويبقى السؤال الأكبر الآن: “ما الذي يحمله المستقبل للعالم بناء على هذه العلاقة المتوترة؟”

يتبع……..

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية