المعايير السليمة لإدارة أزمة كورونا

أشارت رئيسة صندوق النقد الدولي ” كريستالينا جورجيفا ” اليوم إلى أن التغلب على الركود الاقتصادي سوف يحتاج إلى عاملين مهمين بغض النظر عن مكان هذا الركود.
ويتمثلُ العامل الأول يتمثل في احتواء الفايروس إلى حين إيجاد العقّار الفعال، أما العامل الثاني فيتعلق بالاستجابة للأزمة بشكل فعال ومنظم، وقد توالت الردود بين مُسْتفْسرٍ عن واقع العقّار ومدى الاقتراب من اكتشافه، وبين مُندد بطرق الاستجابة الحالية للأزمة وآلياتها والتي يروّن بأنها تُدخل الاقتصاد العالمي في آتون أزمة اقتصادية أكثر عمقا بعد كورونا.
وللتعليق على ما جاءت به رئيسة صندوق النقد الدولي، يجب أن يدور هذا التعليق بشكل متوازن ومتوازٍ، فعلى صعيد ضرورة احتواء الفايروس إلى حين اكتشاف العقّار الملائم، فإن ذلك يجب أن يتم ضمن وسائل حماية ذات رؤية وأبعاد اقتصادية بعيدة، فالاجراءات الدولية الحالية انقسمت بين الحجر الصحي لإنقاذ العباد وبين ضخ للأموال التريليونية لإنقاذ الاقتصاد، ولكن هذين الأمرين لم يدفعا الاقتصاد إلّا لعتبات الركود الاقتصادي والتخوف من الدخول في مرحلة كساد عظيم ثانٍ قد تطول فترة علاجه كما أعلن كلٌ من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
إن ما أود طرحه اليوم هو أن ضخ الأموال في ظل تعطيل اقتصادي شبه تام لن يؤتي ثماره كما توهم الكثيرون، بل إن هذا السلوك لا يؤدي إلا إلى أمرين، أولهما هو امكانية حدوث تضخم تخشاه أقوى الدول، أما الآخر فيتعلق بإمكانية حدوث فقاعة في الائتمان بشكل لا يُحمد عقباه.
إن تطرق كريستليانا إلى التصرفات السليمة والتعامل الأمثل مع الأزمات يدفعني لعرض التجارب الدولية العقلانية البعيدة عن فكرة ضخ الأموال فقط، مثل الهدوء الصيني، والحجر الإجباري للشعب في مراحل المرض الأولى، ثم الدعم النفسي والمؤسساتي لمختلف شرائح الشعب وطبقاته، أو مثل التجارب الدولية الحالية في إعادة الحياة الاقتصادية لقطاعات اقتصادية مختلفة شيئا فشيئا ضمن ضوابط واضحة ومنظمة ومؤطرة بشكل طبي وصحي؛ مثل حجر كبار السن وأولئك الذين يعانون من عارض صحي، إلى جانب حجر الأطفال وصغار السن، لا لشيء وإنما لحماية هذه الفئة من التعرض للمرض والحد من تفشيه مرة أخرى.
لقد فهم صُنّاع السياسات النقدية بأن ضخ الأموال لن يشفي الاقتصاد بل سيعطيه مُسكنات ومهدئات ليس إلا، وأن إعادة عجلة الاقتصاد هو أول متطلب من متطلبات التعافي، وستتبعه استحقاقات ومتطلبات أخرى سيتم طرحها بعد الانتهاء من أزمة كورونا وذلك للحيلولة من الوقوع في فخ تعطيل أركان الاقتصاد كافة بسبب توقف قطاع اقتصادي معين .

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية