انخفاض سعر الدولار الأمريكي رغم رفع سعر الفائدة، ما الذي يحدث وإلى متى؟

شهدت الاسواق انخفاض سعر الدولار الأمريكي بعد قرار الفيدرالي رفع سعر الفائدة على الدولار بمقدار نصف نقطة مئوية، وهو الأمر الذي يأتي منطقيا في الوقت الحالي، وذلك بعدما تراجع الفيدرالي في محضره عن لهجته المتشددة إزاء ما يمكن أن يقوم به من رفع للفوائد، وتحديدا الشهر القادم؛ ليشير إلى استبعاد فكرة رفع الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس والاكتفاء بخمسين نقطة أساس فقط، إلا ان هذا الانخفاض يجب أن يُدرس بناء على المعطيات الجارية، والتي سنوضحها فيما يلي، وننصح بضرورة القراءة حتى النهاية لمعرفة الموعد المحتمل لانخفاض الدولار بشكل كبير:


التفاصيل:

شهدت الأسواق الآسيوية انخفاض سعر الدولار الأمريكي في التعاملات الصباحية لهذا اليوم، وهو أكبر انخفاض في أكثر من شهر مقابل العملات الرئيسية.

ويعتبر هذا الانخفاض منطقيا، وذلك بالرجوع إلى تفاصيل ما جاء في بيان الفيدرالي، الذي استبعد فكرة الارتفاعات الكبيرة خلال الشهور القليلة القادمة.

ويظهر محضر الفيدرالي لهجة غريبة بعض الشيء، ومفاجئ للمتعاملين بعد العديد من التصريحات خلال الشهر الماضي.

فمن جانب نلاحظ اعتراف الفيدرالي بخطورة التضخم وضرورة التعامل معه بحذر.

بينما ومن جانب آخر، فإن جيروم باول رئيس الفيدرالي تحدث بضرورة أن يتم التعامل مع التضخم بعقلانية أثناء محاولة تخفيضه.

حيث قررت اللجنة:

  • رفع النطاق المستهدف لسعر الأموال الفيدرالية إلى 3/4 إلى 1 في المائة بإضافة نصف نقطة.

  • كما توقعت اللجنة أن الزيادات المستمرة في النطقا المستهدفة ستكون مناسبة، وتم استبعاد رفع الفائدة بمقدار أكبر من نصف نقطة.

  • بينما قررت اللجنة البدء في تخفيض مقتنياتها من سندات الخزينة وديون الوكالات والأوراق المالية المدعومة برهن الوكالة في 1 يونيو القادم.

  • فيما وضحت اللجنة أنها ستواصل مراقبة انعكاسات المعلومات الواردة على التوقعات الاقتصادية.

كما وقد أكدت اللجنة أنها ستكون على استعداد لتعديل موقف السياسة النقدية حسب الاقتضاء.

وردا على على مسألة الارتفاع القادم للفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، قال الرئيس جيروم باول للصحفيين:

“إن أعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يفكرون بنشاط في تحركات 75 نقطة أساس في المستقبل”.

هل سيستمر الدولار في الانخفاض إذن؟

بالنظر العميق في تصريح باول، فإنه يمكن ملاحظة مدى الحذر في التصريحات في ظل المعطيات والظروف الصعبة الحالية.

حيث يدرك كل مسؤول في الفيدرالي مدى خطورة رفع الفائدة بشكل كبير وأثر ذلك على دفع امريكا نحو الركود.

وقد قال بريان دينجرفيلد، رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي لمجموعة العشر في NatWest Markets ، في مذكرة للعملاء:

“بنك الاحتياطي الفيدرالي ببساطة (لم يستطع أن يكون، والأفضل له أن لا يكون) جريئا بشكل كبير لأكثر من ستة شهور”.

وهذا يعني أن الفيدرالي سيقوم برفع الفائدة بنقطة كاملة، لتصل الفائدة حتى شهر 7 القادم إلى مستويات 1.75-2%.

وقد انخفض الدولار الأمريكي كردة فعل سريعة للأسواق التي خاب أملها في أن تصل الفائدة إلى 2-2.25% خلال الشهرين القادمين، وأنها ستتجاوز بشكل عام نسبة 3% حتى نهاية هذا العام.

وإذا قمنا بتحييد فكرة (خيبة الأمل) التي انعكست إيجابا على الأسواق المالية بعض الشيء على عكس الدولار، فإن فكرة رفع الفائدة ما زالت قائمة.

وهو ما سيدفع الدولار إلى العودة خلال القادم من الايام، وذلك أن الأسواق المالية التي ارتفعت مؤقتا ودفعت الدولار للانخفاض، فإنها ما زالت تعيش حالة من عدم اليقين في أسوأ أشكالها.

حيث سارعت كبريات الشركات إلى الاعتراف بأن أدائها خلال الربع الثاني تحديدا سيكون باهتا وضعيفا.

لماذا التفاؤل بارتفاع الدولار قد يستمر حتى شهر 7؟

أما عن سبب التمسك بفكرة ارتفاع الدولار حتى شهر 7 القادم، فإنه سيكون للأسباب التالية:

أولا. المشاكل الاقتصادية والتجارية التي تدفع التضخم إلى الارتفاع ما زالت قائمة وفي طريقها إلى التوغل، ما لم يتم الحل بشكل غير تقليدي.

ثانيا. قد ينخفض الدولار بشكل حاد جدا، في حالة عدم نجاح رفع الفائدة في معالجة التضخم خلال الشهرين القادمين.

ثالثا. أن الاسواق المالية ستشهد إعلانات الشركات للربع الثاني وتوقعات الربع الثالث، وهو ما سيكون موعدا لإعادة تقدير المستثمرين لأوضاع السوق، وهذا تقدير يعني حالة كبيرة من عدم اليقين بالتزامن مع النقطة الأولى والثانية.

رابعا. سيتم إعادة تقدير وضع الدولار بالنسبة لباقي العملات وما ستقوم بنوكها المركزية بفعله تجاه أسعار الفائدة التي سترتفع بدورها مقابل ارتفاع الفائدة الأمريكية.

في النتيجة؛

فإن الارتفاعات القادمة للدولار، يبدو أنها آتية لا محالة، ولكن الرهانات على ارتفاع الدولار على المدى الطويل سيكون أمرا غير منطقي.

فمثلا وفي السوق الفلسطيني الذي يشهد تعاملا بالشيكل، فإنه لا بد من التذكير بما أشار إليه اقتصاديو بنك هبوعليم.

حيث قال الاقتصاديون في مذكرتهم الأخيرة:

“إن عوامل قوة الشيكل ما زالت قائمة على المدى الطويل، ولكن على المدى القصير فإن ضعف الأسواق المالية هو ما يؤدي إلى ضعف الشيكل”.

وهذا يعني أن الشيكل قد يعود إلى قوته في أية لحظة، بالتزامن مع:

  • رفع المركزي الاسرائيلي لرفع الفائدة على الشيكل وهو ما سيعطي الشيكل قوة نسبية أمام الدولار.

  • تحسن أداء الأسواق المالية الأمريكية في أي مفاجأة غير متوقعة أو حل سياسي خلال الشهور القادمة.

  • اضطرار المركزي الاسرائيلي لعدم التدخل لإعادة الشيكل لقوته نظرا لدوره في حماية الاقتصاد من التضخم المرتفع أساسا.

  • انهيار المنظومة الاقتصادية الأمريكية نتيجة ركود أو تراجع في النمو الاقتصاد، أو غيرها.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية