هل سيقود قرار بايدن الأخير إلى انهيار اقتصاد امريكا ؟ ولماذا يتخلى الخليجيون عنه؟

قد يكون لقرار بايدن إطلاق حجم كبير من احتياطيات الطوارئ الأمريكية من النفط عدة أوجه، فإما أنه اعتراف ضمني بأن أمريكا لم تنجح في جلب الدول الخليجية لمساندتها، أو إما أن بايدن يحاول جاهدا ترويض تكاليف البنزين في الوقت المناسب بهدف تحسين صورته قبل انتخابات منتصف المدة في نوفمبر القادم، وتحسين صورته دون الإشارة إلى ان حقبته قادت إلى انهيار اقتصاد امريكا أو مهدت له في المستقبل.


أمر بايدن بالإفراج عن 180 مليون برميل من احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي في محاولة لضبط أسعار الوقود.

إلا أنه صرح معترفا بأن هذه الخطوة تعتبر خطوة خطيرة، ولكنها ضرورية لحماية الأسر الأمريكية.

لماذا في هذا التوقيت ؟

جاء الإعلان بعد ساعات من تجاهل أوبك، وهو تحالف النفط الذي تقوده السعودية، مرة أخرى دعوات من السياسيين الغربيين إلى جانب بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لضخ النفط بشكل إضافي في وقت قصير.

ويعتبر إعلان بايدن لضخ هذه الكمية، هي أكبر خطوة تصريف واستنزاف لهذا الاحتياطي الذي تم انشاؤه في عام 1974.

وقد انخفض سعر برميل خام برنت بنسبة 5% عند 108 دولار، ولكن الأسعار بشكل عام بقيت عند ضعف ما كانت عليه العام الماضي.

وقد أطلقت أمريكا فعليا المليون الأول من احتياطياتها مساء يوم الخميس، لتستمر على هذا النهج لمدة 180 يوما لاحقا.

وإذا كان بايدن حريص على شيء الآن فإنه حريص على الإيفاء بوعوده الانتخابية السابقة، التي ستكون على المحك بعد ست شهور تقريبا.

حيث سيكون بادين على موعد مع الانتخابات النصفية في نوفمبر القادم، والذي لا يرغب أن يدخلها مع أعباء لم يشهدها الأمريكي من قبل.

سعر جالون البنزين في أمريكا هو الأعلى على الإطلاق

آراء المحللين وتفسيرهم لحركة بايدن:

تحدث المحللون عن هذه الخطوة، وأشاروا إلى مدى خطورتها حينما قالوا:

“إن نقل احتياطي البترول الاستراتيجي قد يأتي بنتائج عكسية، وينقل الذعر إلى سوق مزدحمة بالفعل”.

كما أكدوا على خطورة هذه الخطوة على الجانب الأمريكي حينما قالوا:

“إن هذا يترك أكبر مخزون نفطي طارئ في العالم منخفضًا بشكل خطير في وقت تتزايد فيه التهديدات”.

وبلغة الأرقام فإن ذلك يدفع أمريكا إلى الخسارة بالأرقام، حيث أنها تقوم الآن بضخم مليون برميل من احتياطياتها مقابل خسارة 3 ملايين برميل من النفط الروسي يوميا.

كما أن إنتاج النفط أمريكيا ليس في أفضل مواقفه الآن، حيث تنتج أمريكا 11.6 مليون برميل يوميا مقارنة ب13 مليون قبل الوباء.

وهو ما دفع بايدن إلى حث المنتجين على التنقيب وزيادة الانتاج، وانتقاد سلوكهم الاستغلال، متناسيا سلوك الاقتصاد الأميركي الرأسمالي.

سينجح الآن وسيفشل لاحقا!!

تحدث أشخاص مطلعون بأن تفكير الإدارة الأمريكية يهدف إلى إعادة البرميل إلى نحو 80 دولارا للبرميل.

وقد توافق المحللون مع هذا الهدف، وأكدوا على أن ضخ الاحتياطيات سيعمل على تهدئة السعر الآن.

ولكنهم أشاروا أيضا إلى أن هذه الخطوة ستدفع الأسعار نحو الارتفاع على المدى الطويل بسبب التعاملات الآجلة والنقص في المخزون بشكل عام.

حيث قال دان بيكرينغ ، الأب المؤسس لوكالة التمويل في هيوستن Pickering Vitality Companions:

“ستعود الحكومة لشراء البراميل مرة أخرى بعد فترة، وسيكون السوق مستعدا لارتفاعات سعرية أخرى”

لماذا تخلى الخليجيون عن بايدن؟ وهل هي بداية انهيار اقتصاد امريكا ؟

يبدو أن ضخ الاحتياطيات الأمريكية سيكون بمثابة اعتراف ضمني من واشنطن بأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة  لن تقومان بمساعدة بايدن على تخفيض سعر النفط.

ويفسر المحللون هذا التخلي بما جرى بين بايدن والسعودية تحديدا منذ دخول بايدن للبيت الأبيض وانتقاده لأداء الحكم فيها.

كما صرح كروفت من RBC ، وهو محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية وفقا للفاينانشال تايمز:

“السعودية تتعرض لضربات الحوثيين المدعومين من إيران، والسعودية ترى أن أمريكا متورطة في التساهل مع إيران، وهو ما يعرض سلامة السعودية للخطر”.

أما محللو JPMorgan فقد تحدثوا وفسروا إطلاق هذا الحجم من الاحتياطيات، قائلين:

“هذا أوضح مؤشر على العجز في السوق الآن، ولكنه وعلى المدى الطويل سيضع القدرة التصنيعية في خطر”.

كما أنهم تحدثوا عن توقعاتهم القادمة لسعر البرميل، حينما قاولا:

“هذا الضخ سيعمل على تقليص القدرة الاحتياطية العالمية الإضافية، وهذا يدفع توقعات خام برنت إلى

  • 125 دولارا للبرميل عام 2022

  • بينما سيصل إلى 150 دولارا للبرميل في عام 2023″.

بينما ختموا توقعاتهم قائلين:

“ستذهب الأسعار هناك حتى عندما تعود العلاقات طبيعية مع روسيا”.

وضع الاحتياطيات لدى أمريكا لا يبشر بالخير كثيرا:

وفقا لقوانين وكالة الطاقة الدولية، فإن الدول الأعضاء يجب أن تحتفظ باحتياطيات لا تقل عن 90 يوما من واردات النفط بما في ذلك المانيا واليابان واستراليا والمملكة المتحدة.

وهذا يعني أن تقوم كل دولة عضو في الوكالة بالاحتفاظ بحجم 315 مليون برميل لهذه المدة.

ووفقا لحسابات RBC Capital Markets فإن أمريكا سيكون لديها بعد انتهاء آخر برميل من 180 مليون، سيتبقى لديها 353 مليون برميل لتغطي هذه المدة (90 يوما)

أما بشكل إجمالي فإن الاحتياطيات الخام من النفط في أمريكا يبلغ حوالي 586 مليون برميل في عشرات الكهوف في أربعة مواقع شديدة الحراسة على سواحل لويزيانا وتكساس.

وبذلك فإن أمريكا مسؤولة عن نصف الاحتياطيات للدول التي تنتمي أغلبها إلى وكالة الطاقة الدولية.

حيث بلغ مخزون الدولة عبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، التي ينتمي معظم أعضائها إلى وكالة الطاقة الدولية ، ما يقرب من 1.2 مليار برميل من الخام اعتبارًا من بداية عام 2022.

وقد تدهورت احتياطيات أمريكا كثيرا خلال استهلاكه سابقا، وتحديدا أثناء:

  • غزو العراق في عام 1991.

  • إعصار كاتينا في عام 2005.

  • الحرب الأهلية الليبية في عام 2011.

إذن في النتيجة؛

لا يتوفر لبايدن مجالا كبيرا للمناورة، ولا بد له من القيام بخطوات حقيقية لإنهاء الصراع الروسي الأوكراني بشكل ينهي العقوبات المفروضة على روسيا، ماذا وإلا فإن بايدن قد يكتب بداية قصة انهيار اقتصاد امريكا وإن كان ذلك في المستقبل القريب.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية