بيانات التوظيف في الولايات المتحدة : هل يستسلم لها الفيدرالي الأمريكي والدولار؟

صدرت بيانات التوظيف في الولايات المتحدة وتحديدا في القطاع الخاص غير الزراعي، والتي انخفضت عن الأرقام التي كان شهر يوليو قد سجلها، وهو ما دفع الكثيرين إلى التساؤل عن احتمالية استسلام الفيدرالي لها وتراجعه عن سياسته النقدية المتشددة وتحديدا رفع الفوائد على الدولار.

فعلى الرغم من أن بيانات التوظيف في الولايات المتحدة الأمريكية جاءت لتؤكد على أن هناك عدد من الوظائف التي تمت إضافتها إلى الاقتصاد الأمريكي بشكل أقل من الذي كان عليه الشهر القادم، وأن معدل البطالة ارتفع بمقدار 0.2% ليصل إلى 3.7%، إلا أنَّ ذلك كان أمرا متوقعا من قبل الفيدرالي خلال إعلانه لحربه المستمرة على التضخم مهما كلف الأمر من خسائر.

حيث أقر مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي بأن المعركة ضد التضخم ستكون نتيجتها بعض الآثار وتحديدا فقدان الوظائف.

بينما يقول الاقتصاديون الذين يقيمون نتائج تحركات الفيدرالي:

“إن التوظيف قد ينخفض إلى بضع مئات الآلاف إلى ما يصل إلى عدة ملايين قبل أن يصلح الفيدرالي مشكلة التضخم”.

كم سيتكبد الاقتصاد الأمريكي من خسائر على صعيد الوظائف؟

ستعتمد الحصيلة النهائية من الوظائف التي ستتم خسارتها على العديد من الأمور، وأهمها تحسن سلاسل التوريد، ونجاح الفيدرالي في إعادة التضخم إلى 2%.

حيث يقول جو بروسولاس ، كبير الاقتصاديين في RSM ، وهي شركة استشارية مقرها الولايات المتحدة وفقا لمقالة تم نشرها عبر رويترز، وتم الاعتماد عليها في إعداد هذه المقالة:

“سيستغرق الأمر 5.3 مليون وظيفة مفقودة، ومعدل بطالة قد يبلغ 6.7%، لإعادة التضخم إلى مستويات 2%”.

كما قال بروسولاس:

“لا اعتقد أن الفيدرالي سيحقق هبوطا اقتصاديا ناعما أثناء مكافحة التضخم ، فالأمور تشير إلى حدوث ركود”.

ويبدو أن المسؤولين الفيدراليين يدركون تماما أن المكافحة ضد التضخم، ستكبد سوق العمل خسائر كبيرة.

ولكنهم يأملون أن تكون هذه الخسائر على مدى قصير الأمد، أفضل من الخسائر الطويلة التي يمكن أن تحدث إذا لم تتم معالجة التضخم.

وقد وجدت لوريتا ميستر رئيسة بنك الاحتياطي في كليفلاند، ان معدل الأجور الذي ارتفع إلى 5.2% يجب أن ينخفض إلى 3.25-3.5%.

وذلك حتى يتم تخفيض قدرة شرائح معينة على مواصلة الشراء التي ستدفع التضخم وارتفاع الاسعار إلى البقاء.

وحتى الآن فإن بيانات البطالة ستكون في حيز الاستيعاب من قبل الفيدرالي، وقد لا تؤثر على قراراته فيما يتعلق بأسعار الفائدة على الدولار على الفترات القريبة.

إلا أن ذلك لا يعني أن الفيدرالي سيكون سعيدا على المدى الطويل، حيث تشير التجارب السابقة إلى أن ارتفاع معدل البطالة بنسبة معينة تدفعه إلى الاستمرار في الارتفاع.

حيث  قالت كلوديا سام ، الخبيرة الاقتصادية السابقة في الاحتياطي الفيدرالي ومؤسس سهم للاستشارات:

“عادة ، بمجرد أن يبدأ سوق العمل في الانحدار ، فإنه يزداد سرعته ويمضي إلى مزيد من الانحدار”

ولكن سام رأت أن ارتفاع معدل البطالة هذه المرة فإنه يأتي بسبب انضمام الكثيرين إلى سن العمل، وليس بسبب تسريح العمال.

في النتيجة،

فإن البيانات التي صدرت في الأمس، تمت قراءتها على النحو الآتي:

قرأت الاسواق المالية البيانات بطريقة إيجابية في البداية، بحيث أنها قد تؤدي إلى تخفيف قيام الفيدرالي الأمريكي في رفع الفوائد.

حيث أن أداة fedwatch خفضت من توقعاتها لاحتمالية رفع الفوائد بمقدار 75 نقطة من 75% إلى 62%.

بل إن نفس الأداة خفضت من احتمالية رفع الفوائد بنسبة 75% إلى 57% خلال اليوم التالي لإصدار البيانات.

ولكن وسرعان ما كان للاسواق النقدية، والتصريحات التي تم عرض بعضها في هذه المقالة رأي آخر.

حيث أكدت العديد التصريحات على أن البيانات الآن لن تثني الفيدرالي عن استخدام كافة الوسائل لمحاربة التضخم مهما كانت النتيجة.

بل إن جون ويليامز رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك قال لصحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع:

“لقد أبلغنا مرارًا وتكرارًا التزامنا بتحقيق هدف 2% هذا”.

بينما ختم حديث قائلا:

“أعتقد أن الأمر سيستغرق بضع سنوات ، لكن لا يوجد أي ارتباك … نحن ملتزمون تمامًا بفعل ذلك.”

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية