تراجع كبير للدولار الامريكي بعد تأكيد الفيدرالي لاستمرار الفوائد، ما القصة؟!

رويترز: خرج رئيس الفيدرالي الأمريكي في اول اجتماع رسمي للمركزي الأمريكي للحديث عن الفوائد والتضخم، وهو الحديث الذي وعلى الرغم من الصراحة الكبيرة التي جاءت على لسان باول، إلا أن الأسواق قراءت وكعادتها، ما ترغب في قراءته، مما أدى إلى تراجع كبير للدولار الأمريكي .

فعلى الرغم من أن باول قال إن امريكا تجاوزت منعطفا رئيسيا في مكافحة التضخم المرتفع، ولكنه قال أيضا:

“لكن الانتصار سيظل يتطلب زيادة سعر الفائدة ابشكل أكبر والبقاء مرتفعا على الأقل من خلال 2023”.

وهنا، برزت الإشارة الصريحة والكبيرة، بأن الفوائد ستتخطى 5% بسهولة، وأن الفوائد المرتفعة ستبقى حتى نهاية هذا العام، إلا أن ذلك قاد الأسواق إلى قراءة ما ترغب في قراءته إلى تراجع كبير للدولار الأمريكي .

كما رأت الأسواق أن تجنب باول هذه المرة الحديث عن الاسباب التقليدية التي تغذي التضخم، كأنها فرصة جيدة لاشارة مستقبلية لتخفيف السياسة النقدية المتشددة.

حيث لم يتحدث باول في اجتماع الأمس عن قائمة الاسباب التقليدية التي غذت التضخم وأهمها:

الحرب الروسية الاوكرانية.

الوباء المنتشر في الصين والذي قاد إلى إغلاقها لثلاث سنوات متواصلة.

ومع ذلك فإن هذا التراجع الذي شهدته الاسواق النقدية، والارتفاعات الضخمة التي حدثت في اسواق المال، فهي ليست منطقية أبدا من وجهة نظر التحليل الأساسي.

حيث ما زال باول ومن معه من مسؤولي السياسة النقدية، يرون أن هناك حاجة لمزيد من الزيادات المستمرة في الفوائد.

بل إن باول جعل من هذه الزيادات التزاما مفتوحا لم يحدد بعد متى قد تتوقف.

وهذا سيدفع المستثمرين اليوم وتحديدا بعد رفع الفوائد من قبل المركزي الاوروبي وبنك انكلترا، أكثر استيعابا لما حدث مع الفيدرالي في الامس.

حيث سيقوم البنكان برفع الفوائد على اليورو والجنيه الاسترليني، وبعد ذلك ستتضح الرؤيا بالنسبة للمستثمرين فيما يتعلق باسواق العملات.

بل إن الأسواق ستستوعب اصرار باول، حينما قال:

“إن تخفيضات أسعار الفائدة ليست وشيكة”.

كما ستتضح الرؤية بالنسبة للجميع والمراقبين والمحللين، بعد اليوم، كيف ستقوم الاسواق بقراءة البيانات الاقتصادية القادمة، والتي ستمثل في كل مرة نقطة مهمة في مسار الفيدرالي.

حيث رفض باول إعلان النصر على التضخم، حينما رأى أن التضخم ما زال أعلى من المستهدف.

وقد قال في ذلك:

“ان انخفاض التضخم مجرد مرحلة مبكرة، وسنكون حذرين بشأن إعلان النصر وارسال اي اشارة بأن المعركة قد انتهت”.

مؤكدا على أن هناك العديد من القطاعات التي لم تشهد انخفاضا في التضخم، وعلى رأسها الخدمات والإسكان.

أما سوق العمل، فقد قال باول:

“لا يزال سوق العمل غير متوازن” ، مشيرًا إلى حقيقة أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يشعرون أنه من المرجح أن معدل البطالة سيحتاج إلى الارتفاع من مستواه المنخفض الحالي البالغ 3.5٪ للتضخم لإكمال رحلة العودة إلى 2%”.

وقد تحفظ العديد من المحللين حول حركة الدولار المفاجأة المنخفضة، وقالوا إن الفوائد ما زالت في طريقها نحو الارتفاعات.

حيث قال جريج ماكبرايد كبير المحللين الماليين في Bankrate:

“إذا كنت ترغب في علامة على توقف رفع الفوائد، سأتركك عند رغبتك فحسب”.

كما أضاف قائلا:

“احتفظ الفيدرالي بعبارته المرغوبة، وهي أن الزيادات مستمرة، وذلك بحسب البيانات الاقتصادية القادمة”.

بينما لم يصدر الفيدرالي توقعات اقتصادية جديدة من صانعي السياسة يوم الأربعاء، ولكنه أعاد تأكيد التزامه بمتوسط هدف التضخم البالغ 2% كجزء من مراجعته السنوية لمبادئ التشغيل.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية