سبب شراء الصين للسندات الأمريكية، ووضع أمريكا إذا باعت الصين هذه السندات

لماذا تقوم الصين بشراء سندات الخزانة الأمريكية؟ بل ولماذا اعتُبرت أكبر مالك للسندات الخزينة الأمريكية لفترة طويلة، وبرقم يمثل ثلاثة أضعاف ما تملكه المملكة المتحدة من السندات عينها؟ وهل ستستخدم الصين هذه السندات كورقة ضاغطة في ظل علاقتها المتوترة مع الولايات المتحدة الأمريكية؟ 

في العام 2019 شكلت الصين الجانب الأكبر الذي تستدين منه الولايات المتحدة الامريكية بنسبة الخُمس من إجمالي قيمة الديون الأمريكية وبمبلغ تجاوز التريليون دولار أمريكي، قبل أن تتراجع للمركز الثاني لصالح اليابان في الوقتا لحالي، وهذا يعود بشكل أساسي إلى طبيعة الاقتصاد الصيني، والمفارقة في هذا الموقف أن الصين تعتبر ذات طبيعة اقتصادية مغايرة تماما للطبيعة الاقتصادية الأمريكية، فالولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتمد تماما على الاستهلاك (سواء استهلاك ما تنتجه أو ما تستورده)، فإن الصين تعتبر بلدا اقتصاديا مُنتجا للحفاظ على وتيرة النمو والتنمية، والحفاظ على قدرة استيعابية للأيدي العاملة في ظل الكثافة السكانية الرهيبة ومن هنا فإن اقتصادها يقوم على الصادرات، وهنا يأتي دور الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لأنها اكبر مستورد للصادرات الصينية بمبلغ تجاوز الـ500 مليار دولار أمريكي، في حين صدّرت أمريكا بدورها سلعاً للصين بمبلغ 130 مليار دولار أمريكي، وهذا ما أحدث عجزا تجاريا أمريكيا مع الصين بمقدار 375 $ في منتصف العام 2019)، وهنا تبدأ الإجابة عن سؤالنا (لماذا تعتبر الصين من أكبر مشتري ومُلّاك للسندات الأمريكية؟).

إن قيام الشركات الصينية ببيع سلعها وخدماتها للولايات المتحدة الأمريكية، يعني بأنها ستحصل على ثمن صادراتها بعملة الدولار الأمريكي، وهذا يعني أن هذه الشركات ستعود بهذه الأموال إلى الصين، ولتصبح بحاجة لاستبدال ما تملكه من دولار إلى اليوان الصيني، وذلك للعديد من الأمور وأهمها (دفع الأجور بالعملة المحلية للأيدي العاملة ذات الأحجام الكبيرة)، وهنا يقوم بنك الصين المركزي (بنك الشعب) بشراء الدولار الأمريكي من المُصدّرين الصينيين ومنحهم عملة اليوان، وهو ما يزيد من احتياطيات البنك المركزي من الدولار الأمريكي، وهو ما يدفع البنك المركزي الصيني إلى شراء السندات الأمريكية بهذه الدولارات.

ولكن ما الذي يدفع البنك المركزي لشراء السندات والديون الأمريكية؟، الإجابة هي:

  1. إذا لم تقم الحكومة الصينية بشراء الدولار من المُصدّرين فإن عملة الدولار الأمريكي ستفقد من قيمتها، وذلك بسبب حجم الدولار لدى المُصدرّين الصينيين (المعروض من الدولار) من جهة وطلب هؤلاء المصدرين على اليوان، وبالتالي ستزيد قيمة اليوان، وستصبح الصادرات الصينية أكبر تكلفة وستنخفض لصالح الصادرات الأمريكية والتي ستصبح آنذاك أرخص بسبب انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، وهو ما سيسبب عجزا للجانب الصيني .

  2. إذا ما قررت الصين عدم شراء السندات وسمحت للدولار الأمريكي بالانهيار، فإن الاقتصاد العالمي سيدخل بحالة صدمة، بسبب ارتباطه بشكل كبير بالاقتصاد الأمريكي وعملته، مما سيسبب أزمات اقتصادية عالمية كارثية.

  3. الصين لن تسمح بانهيار الاقتصاد الأمريكي بسبب العلاقات الاقتصادية المتشابكة بين الجانبين، فالديون التي تقوم بشرائها الصين، تمكّن الجانب الأمريكي من الحصول على دولارات أمريكية تقوم باستخدامها لشراء السلع والخدمات الصينية بالأسعار الرخيصة وتمكّينها من انتاج السلع وتوظيف الأيدي العاملة الأمريكية.

  4. الصين لن تسمح بأن يتأذى الدولار الأمريكي بشكل كبير لأن هذا سيلحق الضرر بكميات الدولارات الأمريكية التي بحوزة بنك الشعب الصيني -التي تحدثنا عنها سابقا-، وهو ما يجعل الصين حريصة دائما على أن لا يرتفع معدل التضخم للحفاظ على قيمة الدولار التي بحوزتها.

يمكنك الاطلاع على هذه المقالة للمزيد من المعلومات حول السندات الامريكة 

ما هي سندات الخزينة الأمريكية

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية