سياسات البنوك المركزية أنقذت الأسواق الصاعدة من آثار كورونا

نشر الخبراء الماليون في صندوق النقد الدولي مقالة مهمة جدا يؤكدون فيها على أن سياسات البنوك المركزية أنقذت الأسواق الصاعدة من آثار كورونا ، وخفضت من حجم معاناة اقتصادياتها بشكل أو بآخر.

ويشير مصطلح الأسواق الصاعدة إلى السوق التي قد تشهدُ أصولُها المالية ارتفاعا معينا، ويتمتع بالثقة والتفاؤل من قبل المستثمرين.

وقد تناول تقرير صندوق النقد الدولي الأسواق الصاعدة التالية:

غانا، تركيا، جنوب إفريقيا، رومانيا، ماليزيا، الهند، إندونيسيا، الفلبين، هنغاريا، تايلند، كولومبيا، شيلي، بولندا، كرواتيا.

وأكد الخبراء الماليون على أن الجائحة الحالية وجهت للأسواق الصاعدة ضربة غير مسبوقة؛ حيث توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 3.3% حتى نهاية العام الحالي.

إلا أن سياسات البنوك المركزية أنقذت الأسواق الصاعدة من آثار كورونا ، وذلك من خلال الإجراءات النقدية بشكل خاص.

حيث تمثلت هذه الإجراءات في التدخل في السوق النقدي بهدف زيادة سيولة النظام المالي والتخفيف من وطأة الائتمان.

وللمرة الأولى على الإطلاق يقوم حوالي 20 بنك مركزي في الأسواق الصاعدة بإطلاق أكبر عملية تيسير كمي (أو ما يعرف ببرامج شراء الأصول).

وهو البرنامج الذي ينطوي على شراء دين الحكومة والقطاع الخاص لتخفيف الضغوط والمساعدة على استمرار عمل الأسواق، إضافة إلى كبح جماح ارتفاع العوائد على سندات الدولة.

وبمعنى آخر؛ فإن برنامج إعادة شراء السندات أدى إلى طمأنة المستثمرين وعدم السماح بمطالبتهم بعوائد إضافية مرتفعة لشراء هذه السندات.

وقد أشار صندوق النقد الدولي في تقرير الاستقرار المالي العالمي إلى فعالية هذه البرامج بشكل او بآخر.

حيث ساعدت البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة نسبيا في تحقيق استقرار منطقي.

وإذا ما تحدثنا عن الإجراءات والتدخلات التي قامت بها هذه البنوك في أسواقها فإننا نتحدث عن الأمور التالية:

– تعديل سعر الفائدة الأساسي.

– التدخل في سوق الصرف الأجنبي.

– تعديل نسبة الاحتياطي الإلزامي.

– إعادة شراء الأصول لأجل.

– برنامج لشراء السندات الحكومية.

– برنامج لشراء سندات القطاع الخاص.

وقد انقسمت أهداف وتوجهات البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة فيما يتعلق بسياسة التحفيز والتيسير الكمي إلى ما يلي:

– بعض البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة هدفت إلى تحسين أداء أسواق السندات لديها، باعتبارها أداة جيدة لاستقرار تصنيفها الائتماني.

– فيما بادرت البنوك المركزية في أسواق صاعدة أخرى إلى محاكاة البنوك المركزية في الدول المتقدمة الأخرى، في ما يطلق عليه بالنطاق الصفري للفائدة.

– بينما أعلنت البنوك المركزية الأخرى أن هدفها هو التخفيف المؤقت لضغوط التمويل التي تعاني منها الحكومة في مواجهة كورونا.

وها هي البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة تنجح في تخفيف وطأة كورونا على الاقتصاد المحلي بعد شهور من التدخلات المختلفة.

إلا أن هذا لا يعطي مؤشرا مطمئنا بشكل كامل؛ فمسألة إعادة شراء الأصول والسندات لتخفيض تكلفة أدوات الدين على الحكومة، لن يؤتي ثماره بشكل دائم.

بل إن الإصرار على استخدام نفس الأداة قد يعرض الأسواق المالية إلى مخاطر أكبر، أهمها:

– إضعاف مصداقة البنوك المركزية ذاتها.

– زيادة تدفقات رؤوس الأموال الخارجية والتي قد تمثل تهديدا في الأسواق المالية ذات الأسس الاقتصادية الضعيفة.

أنصحك وبشدة بالاطلاع على مقالة بعنوان “أخطر نظرية تطرق أبواب الاقتصاد“؛ حيث تشير إلى خطورة التدخل الحكومي بشكل كبير.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية