هل سيحدث الركود في أمريكا إذا انخفض الناتج المحلي في الربع الثاني؟

انزلق النمو الاقتصادي الأمريكي إلى المنطقة السالبة خلال الربع الأول من العام الحالي، وقد يتجه هذا الاقتصاد نحو نفس المصير نفسه خلال الربع الثاني أيضا، وفيما يلي سنقدم تفسيرا لانزلاق الاقتصاد الأمريكي نحو هذه المنطقة السالبة، وما هما المؤشرين اللذين يجب أن يتم مراقبتهما بشكل حثيث لمعرفة مدى عمق الركود الاقتصادي الذي يمكن أن يحدث في أمريكا، وذلك للإجابة عن سؤال مهم: هل سيحدث الركود في أمريكا إذا انخفض الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني؟


ماذا حدث خلال الربع الأول؟

تدفقت السلع إلى الولايات المتحدة الأمريكية في الاشهر الثلاثة الأولى من هذا العام بوتيرة قياسية بلغت 3.4 تريليونات دولار أمريكي، وهو ما مثل أخبارا إيجابية للاقتصاد الأمريكي، وأن سلاسل التوريد العالمية بدأت بالتعافي.

إلا أن تعافي الواردات بشكل كبير لدى الاقتصاد الأمريكي تسبب في جعله كما لو أنه كان متدهورا في الوقت الذي كان العالم يبدو وأنه يعود إلى طبيعته.

حيث أن احتساب الناتج المحلي الإجمالي والذي يقصد به مجموع السلع والخدمات النهائية لدى الشركات والعمال الأمريكيون.

وبناء على هذ المقياس فإن الواردات سيتم طرحها، وهو ما كان كفيلا بدفع الولايات المتحدة إلى منطقة حمراء على صعيد النمو الاقتصادي، ليحقق الاقتصاد الأمريكي تراجعا بمعدل -1.6%.

وبالنظر إلى الربع الثاني، فإن العديد من الاقتصاديين يتوقعون اتجاه الاقتصاد الأمريكي إلى نمو سالب آخر.

حيث أنه وبحسب القاعدة العامة فإن ربعين من نمو الناتج المحلي الإجمالي السلبي يعني أن الولايات المتحدة في حالة ركود بالفعل.

ولكن ذلك يبدو أنه مستبعد وذلك بحسب المعايير الرسمية التي يستخدمها الاقتصاديون، وتحديدا تحسن معدلات التوظيف.

هل سيحدث الركود في أمريكا إذا انخفض الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني؟

يتساؤل الكثيرون عن احتمالية حدوث الركود الاقتصادي في أمريكا في حالة انكماش الناتج المحلي الاجمالي لربعين متتالين.

وللإجابة عن هذا السؤال فإنه لابد من التعريف بمفهوم الناتج المحلي الإجمالي.

حيث نشأ مفهوم الناتج المحلي الإجمالي بدفع من جهود الاقتصاديين خلال فترة الكساد العظيم 1929، باعتباره طريقة لقياس الاقتصاد الامريكي.

ليتم قياس ما انتجته الشركات والعمال الأمريكيون خلال فترة تمتد حتى ثلاثة شهور، ومقارنته بما حدث في الربع السابق.

حيث يعبر الاقتصاديون والسياسيون إلى نمو هذا الناتج كنسبة مئوية، للتعبير عن قوة او ضعف الاقتصاد.

وقد وجه العديد من الاقتصاديين انتقادات لهذا المقياس الرئيسي، لأنه يستثني العديد من الأمور أهمها:

  • المبالغ التي ينفقها الأفراد والحكومة على السلع والخدمات النهائية.

  • حجم الاستثمارات التي تقوم بها الحكومة والشركات.

بينما يرى الاقتصاديون المعارضون لاعتماد هذا المؤشر كمقياس رئيسي، أن هناك إغفال لللعديد من الأمور المتعلقة بسلاسل التوريد مثل براءات الاختراع والملكية الفكرية وغيرها.

وهذا يدفع إلى التشكيك بقراءة الناتج المحلي الإجمالي باعتباره مقياسا أساسيا لقوة الاقتصاد من عدمه.

حيث يقول كريستيان لوندبلاد ، أستاذ المالية بجامعة نورث كارولينا كينان:

“هناك أمور أخرى يجب احتسابها للتعرف إلى قوة الاقتصاد أو ضعفه”.

كما ويقول الاقتصاديون وصناع السياسة النقدية:

“إن ما حدث في قراءات الناتج المحلي الاجمالي الأمريكي خلال الربع الأول كان أمرا مشكوكا في مصداقيته خاصة في ظل البيانات المشكوك فيها والاضطرابات التي سببها الوباء على مدار العام ونصف الذي سبق الربع الأول من هذا العام”.

حيث قال توماس باركين رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند:

“لا اعتقد أن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي كان سلبيا”.

أما عن الربع الثاني، والذي يتوقع العديد أن يأتي سالبا أيضا، فإنه قد يكون مشكوكا فيه بسبب تاثير عوامل التضخم المرتفعة.

كما أن معطيات رفع الفائدة قد تدفع إلى المنطقة السالبة للنمو الاقتصادي الخاص بالربع الثاني كنتيجة يدركها صناع السياسات.

ولكن الأمر الأهم الآن، فإنه يتعلق بتحديد مدى الضرر الذي سيتسبب فيه التراجع خلال الربع الثاني.

ما هي المؤشرات المهمة التي يجيب مراقبتها لتحديد الضرر الي سيهدد الاقتصاد الأمريكي بشبح الركود؟

أما عن الأمر الذي يجب مراقبته بشكل اكبر من نمو الناتج المحلي الإجمالي، والذي قد يعرض الاقتصاد الأمركي إلى مخاطر جدية، فيتعلق بمؤشر وقراءة أخرى.

ويتعلق تحديدا بارتفاع معدلات الدخل بالتزامن مع نمو العمالة من جانب، وانخفاض الانتاج بسبب نقص الموارد من جانب آخر.

حيث أن تزامن هذين الأمرين سيعني انهيارا كبيرا في انتاجية العمال.

وهو ما يدفع إلى انخفاض معدلات التوظيف مستقبلا، إما من خلال عدم التوظيف أو التسريح التعسفي.

وتدهور الانتاجية أولا، ثم تدهور معدلات التوظيف التي ترفع من معدلات البطالة، سيعني أن الاقتصاد الأمريكي سيكون في طريقه نحو ركود عميق.


تم الاعتماد في إعداد هذه المقالة على المقالات الآتية:

U.S. GDP may fall again in Q2. Does it mean recession?

ما المقصود بالركود الاقتصادي؟

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية